٣٠‏/٠٥‏/٢٠١٢ 0 comments

يسرى نصر الله والمنتج الصهيونى

أحمد بيومى - أفلامجى
فى البدء يجب التأكيد على وجوب عدم السماح لأى شخص بالمزايدة السياسية أو الوطنية أو الدينية على شخص آخر يخالفه الرأى والفكر.
أثار قبل أيام الزميل الناقد أحمد عاطف على صفحات "الأهرام" عددا من مواقف جورج مارك بنامو المنتج المشارك فى فيلم يسرى نصرالله الأخير "بعد الموقعة"، الذى أعاد مصر من جديد إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى العريق بعد مشاركات وهمية تمثيلية طوال سنوات مضت. بنامو يروى عنه عشرات المصريين المقيمين فى فرنسا مدى عداوته لكل ما هو عربى، وكيف لعب دورا هاما فى سياسة ساركوزى العنصرية تجاه العرب. وعلى الرغم من ذلك، شارك بنامو فى إنتاج أول فيلم روائى عن الثورات العربية، اعرب فى كل وسائل الإعلام الغربية عن مدى سعادته بالربيع العربى!. الخبر السابق لا يقل خطورة عن الخبر اللاحق المتعلق بشراء اسرائيل حق العرض الأول للفيلم فى تل أبيب. وهو الأمر الذى علق عليه يسرى نصرالله من موقعه فى كان بالرفض، وأبدى اعتراضه على عرض فيلمه فى اسرائيل، لكن امتغاضه ورفضه الأدبى الدبلوماسى لن يغير شيئا على الأرض، وتنتظر اسرائيل نسخة الفيلم لتبدأ فى عرضه، وفى نفس المؤتمر الذى أكد فيه على رفض العرض فى الدولة الصهيونية، أشار إلى وجود أصدقاء له فى اسرائيل.
حتى لا ننسى، يسرى نصر الله كان واحدا ممن وقفوا فى ميدان التحرير ليلة 25 يناير، وكما بدأت لا يمكن المزايدة على أي شخص، وآراؤه عن التوريث والفساد وما آل إليه حال البلاد والعباد، واضح ومعلن فى كل حواراته الصحفية وأعماله الفنية من قبل الثورة ومن بعدها. يسرى نصرالله قيمة كبيرة للفن المصرى وهو الوريث والأبن الشرعى ليوسف شاهين، ويكفى لفيلمه الأخير أن أعاد الأمل للسينمائين المصريين فى قدرتهم فى المسير إلى أرفع المهرجات العالمية. وتبقى إشكالية اسرائيل والتطبيع والأفلام ذات الصبغة العالمية سواء من ناحية التمثيل أو الإنتاج أو حتى حقوق العرض، تبقى مشكلة قديمة – جديدة، يجب أن نبحث لها عن حل حاسم قاطع. الكل الآن مشغول بما يحدث على الساحة السياسية المصرية، ولا يملك أى عاقل أدنى شك، أن الديموقراطية التى تعيشها مصر الآن تمثل كابوسا لدولة اسرائيل التى طالما رددت أنها الديموقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط. على الجميع الأنتباه من الباب الخلفى الذى حاولت وستظل اسرائيل تحاول التسلسل منه، باب التطبيع الفنى والثقافى، وعلينا جميعا التصدى بحسم وغلق هذا الباب قبل أن يصبح الأمر عسيرا.
يسرى نصرالله وكل طاقم الفيلم، مطالبون فورا بإصدار بيان يحمل كل التفاصيل عن ما جرى، وعن مدى علمهم بالأمر من قبل أم لا، والخطوات الملموسة التى يمكن بها تدارك ما حدث. 
                                   نُشر فى أخبار النجوم 31-5-2012 
٢٥‏/٠٥‏/٢٠١٢ 6 comments

قالوا عن السينما


أحمد بيومى - أفلامجى
"الإخراج السينمائى تماما كمحاولة كتابة رواية من ألف صفحة أثناء قيادتك سيارة دفع رباعى على جبل" .. ستانلى كوبريك
"يفترض فى الأفلام أن تكون أقرب للموسيقى عنها للقصة، دفعة من الأحاسيس المتعاقبة تؤثر فى المشاهد تدريجيا. بعد ذلك تأتى القصة والرسائل" .. ستانلي كوبرك
"الفن هو إعادة تشكيل الواقع المحيط وليس خلق واقع جديد" .. ستانلي كوبرك
"إن أستطعت كتابة أو تخيل شئ ما .. فبالتأكيد تسطيع تصويره سينمائيا" ..  ستانلي كوبرك
 "هل كنا نقدر ونحترم لوحة الموناليزا فى حال ما كتب ليوناردو دافنشي أسفلها (سيدة تبتسم لأنها تخفى سرا عن حبيبها)، بالطبع لا .. الفن لا يحتاج لشرح" .. ستانلى كوبريك
"قد لا تبدو كلماتى منطقية، لكن أفضل ما يمكن فعله لتصبح مخرجا أن تشترى كاميرا وتصور كل ما يجرى أمام عينيك" .. ستانلى كوبرك
"هدفك جعل المشاهد فى حالة عذاب قدر ما أستطعت" .. ألفريد هتشكوك
"استمتاعى بملاعبة المشاهدين تماما كمتعة اللعب على البيانو" .. ألفريد هتشكوك
"الفيلم الجيد هو الذى إن حذف شريط الصوت بالكامل يظل المشاهد مستمتع به" .. ألفريد هتشكوك
"تحتاج ثلاثة أشياء أساسية لصنع فيم جيد .. السيناريو والسيناريو والسيناريو" .. ألفريد هتشكوك
"عملى الذى أتقاضى منه مالا وفيرا .. أن أحلم" .. ستيفين سبيلبرج
"عندما أعمل على فيلم أفكر فيه كمشاهد .. فى أصل أنا مشاهد يخرج فيلما يرغب فى مشاهدته" .. ستيفين سبيلبرج
"أفلامى لا تقدم إجابات .. أفلامى تطرح الأسئلة" .. أليخاندرو آمانابار
"الإخراج ليس رسم صورة وإخبار من حولك أنك تريدها هكذا، أنا لم أذهب إلى الجامعة يوما، ولم أهتم بتعلم السينما. الإخراج الحقيقى هو تصرفك أمام الخمس لقطات الناقصة والشمس أمامها خمس دقائق لتغيب" .. ديفيد فينشر
"الإخراج هو كيفية تغذية المشاهد بالمعلومات بطريقة تجعله لا يطيق الأنتظار" .. ديفيد فينشر
"اسوأ كلمة يسمعها المخرج هى (هل اللقطة القادمة مهمة؟ هل يمكن حذفها؟) .. ديفيد فينشر
"ما سيدفعك لصنع فيلم جيد هو الرعب من تقديم فيلم ردئ" .. ديفيد فينشر
"من الأفضل أن تملك ميزانية أقل وحرية أكبر" .. ميشيل جوندرى
"لو أحد أفراد طاقم التمثيل غير مناسب لدوره .. الفيلم فشل" .. اليخاندرو إنياريتو
"الهدف من صنع فيلم، ليس صنع عمل جيد أو ردئ. الهدف هو أن تتعلم منه الكثير" ..  ألفونسو كوارون
"فى كثير من الأفلام يصور المخرجين من أكثر من زاوية ومن ثم يقررون فى المونتاج الأفضل .. أنا أفضل تصوير ما رأيته فى عقلى من قبل" .. ألفونسو كوارون
"السينما هى كيفية أن تعيش أكثر من حياة .. حياة جديدة مع كل فيلم تشاهده" .. روبرت ألتمان
"أحضر كاميرا، قم بتصوير اي شئ، دقائق قليلة، حتى لو ردئة، حتى لو أصحابك وأختك الصغيرة من لعبوا أدوار البطولة، ضع أسمك فى النهاية كمخرج، تحياتى فأنت الآن مخرج، الخطوة التالية هى مناقشة ميزانية فيلمك القجديد وتحديد أجرك" .. جيمس كاميرون
"أن تجد ممثلين مناسبين لأدوارهم  ويجيدون التمثيل .. هذا 65% من الإخراج" .. جون فرانكنهايمر
"انا أحكى قصة بالصورة .. الصورة متحركة .. لذلك أحركها" .. هاوارد هوكس
"أكثر ما يميز مهنة الإخراج أنها مهنة بلا نهاية، كل قصة جديدة لها مشاكلها وتحدياتها الجديدة" .. رون هاوارد
"كل شخص فى الدنيا لديه قصة ليرويها" .. نينا لابوت
"الإخراج شئ فطرى يُولد معك، لا يمكن إكتسابه بالتعليم" .. ريتشارد لانكلاتر
"أن تدرك التاريخ والأدب وعلم النفس والعلوم العامة .. خطوة أولى لصنع أفلام" .. جورج لوكاس
"أخبرنى رجل مرة أنه لو أعطى نفس السيناريو لخمسة مخرجين سنجد فى النهاية خمسة افلام مختلفة .. أعتقد أنا هذا الرجل على صواب" .. فينسنت مينيلا
"أن تملك ثلاثين عقلا مفكرا داخل الفيلم أفضل كثيرا من عقل واحد ينصت إليه الآخرون" .. تريفور نان
"إن احترمت المشاهد بما يكفى .. سيصدق كل ما تقوله" .. نيك بارك
"وحدها الأفلام الجيدة التى تنسيك أنك جالس فى دار السينما" .. رومان بولانسكي
"لا تجعل أحدا يخبرك أن هذا الأمر مستحيل، كل المشاكل لها حلول" ..  روبرت رودريجز
"لمن يقول إننى مهتم بالصورة بدرجة كبيرة، أنا مخرج سأهتم بماذا؟" .. ريدلي سكوت
"عندما يسألنى الناس هل ذهبت إلى معهد السينما، أخبرهم إنى ذهبت إلى السينم" .. كوانتن تارانتينو
"السيناريو بمثابة حلم تراه بمفردك، الفيلم حلم يراه الجميع" .. جورج لوكاس
"لن تنجح فى ضم المنتجين إلى صفك .. إلا إذا نجحت" ..  جورج لوكاس
"الإخراج أصعب مهنة فى العالم، تستهلك مجهود ذهنىوعصبى وبدنى دون راحة أو نوم، إن لم تكن تعشقها فهى لا تستحق العناء" .. جورج لوكاس  
"لو حاولت التفكير فى أفلامك بعقلية بنت فى الحادية عشر، لن تقدم أفلاما سيئة على الأطلاق" ..  جورج لوكاس
"كل الناس لديهم نفس المشاكل الأساسية، الفيلم الجيد من يهتم بتلك المشاكل" .. أكيرا كوروساوا
"على المخرج أن يكون مخرج وكاتب وممثل ورسام، والمخرج الجيد هو الذى يختار أشخاص يتقنون هذه الأشياء أفضل منه" .. ميلوس فورمان   
"كلما ارتفت الميزانية كلما زاد التدخل فى عملك، الجميع يخشى على أمواله. لذلك أفضل العمل بميزانيات منخفضة عندما يرغب المنتج فى فيلم أيا كان" .. فيرناندوا ميريليس
"أنا أكثر شخص بطئ فى عملى، أتمنى أن لا ينتهى" .. سام ميندس
"لم أقدم فيلما وأحسست بالرضا التام عنه" ..  رومان بولانسكي
"بالفعل لا احب المشاهد الجنسية فى افلامى، الجنس ممل للغاية إلا إذا قمت به بنفسك" .. ريدلي سكوت
"أحاول أن أعيش حياتى دون ندم، ولذلك أثق فى حدثى. الأهم إنى فعلت ما آمنت به".. دارين أرنوفسكي
"الفيلم تماما كالذهاب إلى الملاهى، أخشى أن أقدم فيلما لا يستحق الزيارة" .. دارين أرنوفسكي
"أخبرنى والدى أن أريهم ما أستطيع فعله، حتى دون مقابل. المهم أن يدركوا من أنا" .. كلينت إستوود
"انا أعشق كل ما يتعلق بالسينما ومرتبط بها حتى وفاتى" .. كلينت إستوود
" أنا غير مؤمن بالتشاؤم. لو جاءت النتيجة عكس توقعك أعد المحاولة مرة أخرى" .. كلينت إستوود
"كل نجاحى مرجعه الإحساس، ونسبة قليلة للغاية من الحظ" .. كلينت إستوود
"لا يوجد ضمانات. لو ترغب بضمان قم بشراء خلاط كهربائى" .. كلينت إستوود
"انا أكسب رزقى من اللعب" .. م. نايت شايامالان
"أحلم بكسر كل القواعد، وما أقدمه يصبح القواعد الجديدة" .. م. نايت شايامالان
"كل أفلامى حققت أرباحا، ومهما بلغت درجة الفن هدفى الأول تحقيق ربح للمنتج" .. م. نايت شايامالان
"يخبرنى ستون شخصا أن فيلمى رائعا، والشخص رقم 61 يخبرنى أنه ردئ. عندما أذهب للمنزل أنسى الستون شخصا واتسائل لماذا لم يعجب الرجل الأخير؟" ..  م. نايت شايامالان
"انا أقدم أفلام مقاولات، لكن بشكل جيد. لذلك تظهر بشكل جيد" .. . نايت شايامالان
"أسواء ما يواجه المخرج أن يسمع شخصا خارجا من القاعة يقول (الفيلم لطيف)، المخرج يتمنى أن يجد عراكا فكريا عن أهداف المخرج ونواياه" .. بول هاجيس
"على الفنان أن يكون شجاعا، إن لم يكن شجاعا فهو غير فنان" .. بول هاجيس
"لو جلست وحيدا تفكر عن ماذا ستخبر الناس، ستصاب بالشلل" .. ستيفين سودربرج
"لاشئ يضاهى أن تكون فى دار العرض، وأكثر من خمسين شخصا يشاهدون فيلمك. التجربة الأفضل فى الحياة" ..  مايكل مان
"حتى لو كنت تعمل على أسوا فيلم فى العالم، عليك أن تقنع نفسك أنك تصنع التاريخ" .. تيم برتون
"عندما أخبرت الجميع عن رغبتى أن أصبح مخرجا قالوا مستحيل، أنا أعيش فى المستحيل الآن" .. مايكل فورستر
"يجب على القصة التى أقدمها أن تكون مرتبطة بجزء من شخصيتى" .. مايكل فورستر
"السينما حياتى، وبين صناعة السينما وصناعة السينما، أعيش لحظات استخدمها كمورد لأفكار أصنع بها السينما .. بيدرو ألمودوبار
"صغيرا، عندما كنت أشاهد فيلما أو استمع إلى قصة، أعيد روايتها بطريقة مختلفة. المدهش أن الناس كانت تفضل طريقتى فى الحكى، ربما هذا ما جعلنى مخرجا" ..  بيدرو ألمودوبار
٢٤‏/٠٥‏/٢٠١٢ 0 comments

المواسم الأربعة .. سينما بطعم الصمت

بوستر الفيلم الإيطالى المواسم الأربعة
أحمد بيومى - افلامجى
أهدانى صديق قديم، قبل أيام، عددا لا بأس به من الأفلام الإيطالية الحديثة، والتى يصعب الحصول عليها أو مشاهدتها حتى مع التطور التكنولوجى المحيط. جاء من بينها الفيلم شديد التميز "المواسم الأربعة" Le Quattro Volte من تأليف وإخراج ميشيل انجلو فرامرتينو، والذى حصد عددا من أهم وأرفع الجوائز العالمية.
يأخذنا الفيلم الصامت، منذ البدء، إلى رحلة فلسفية لقلب الوجدان الإنسانى. راعى غنم فقير طاعن السن يسوق الماعز متنقلا بين السهول الواسعة الخضراء، وأعراض المرض والزمن بادية على وجهه وجسده. ونظرا لأعتماد المخرج على اللقطات الواسعة البعيدة، لن نتهتم بمتابعة القصة البسيطة _ربما المعقدة للغاية_ ونركز أكثر على التفاصيل. الراعى العجوز يؤمن أن علاجه الشافى يكمن فى إذابة تراب أرضية الكنيسة فى قدر من الماء وتناوله يوميا، بالطبع بعد أن يقرأ الكاهن بعض الأيات المقدسة ليصير التراب _بدوره_ مقدسا. وكأنه يحيلنا إلى الفصل الأول من حياة الأنسان، حين كان يعجز عن تفسير الآف الظواهر فيلجأ إلى الأسطورة والقوة الأعلى المسيطرة، يستسلم الراعى تماما لقدره ويحرص على إذابة التراب فى الماء، وحين يضيع قدر التراب الذى يملكه يدفعه الخوف لطرق أبواب الكنيسة فى منتصف الليل.
تتطور الأحداث ببطء بديع، مستعرضا الكثير من المشاهد للماعز والكلب النابح وعملية ولادة لماعز .. بداية حياة جديدة. ومن ثم يركز المخرج مع المولود الصغير، من لحظة الولادة مرورا بالخطوات الأولى والخروج من الحظيرة إلى العالم المجهول وسيره وراء القطيع وصولا إلى التيه، إلى الضياع. يضل الماعز الصغير طريقه فيجد نفسه وحيدا يواجه برد الشتاء بعد أن أعتاد دفء العائلة فيلتف حول نفسه اسفل شجرة عجوز، شجرة الحياة. تتبدل الفصول على السهول، وسط الأشجار العالية الراسخة، وتتبدل الفصول، إلى أن يجتمع قطيع آخر، من البشر هذه المرة، حول شجرة محاولين قطعها. يحملها العشرات إلى القرية وسط التهليل والصياح وتبدأ مهمة تصنيع الفحم من تلك الشجرة وأمثالها، ويبدأ عصر الصناعة.
يجسد الفيلم بصورة مثالية حالة الوحدة التى يعانى من الإنسان العالمى، وتمثل هذه القرية الإيطالية الفقيرة البسيطة نموذجا للكرة الأرضية برمتها، التى يعتبرها الجميع الآن مجرد قرية صغيرة. والصمت الذى صاحب العمل _رفيع المقام_ طيلة ساعة ونصف، يجبرنا بالضرورة على تأمل الضوضاء والضجيج الذى يحاصرنا يوما بعد يوم. "الفصول الأربعة" فيلم بدأ وأنتهى مصورا الصومعة التى تحيل الخشب فحما، وبرغم ثبات معظم الكادرات إلا أن الحياة تدب فى كل لقطة، تأكيدا أن الطبيعة أصل الحركة والحياة وأن الأنسان _ربما_ هو العدو الأخطر.
                                    نُشر فى أخبار النجوم 24 - 5- 2012
١٠‏/٠٥‏/٢٠١٢ 3 comments

أحمد سبع الليل


أحمد بيومى - أفلامجى
أحمد سبع الليل .. وأعداء الوطن
(مقال ليس له علاقة بأحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو والعباسية .. و .. و ..)
فى تاريخ الفن السينمائى شخصيات خالدة لا تموت، خلقها مبدعون أفنوا أعمارهم فى محراب الفن يحاربون الجهل والتخلف ساعين نحو التنوير والتغيير. قناوى، الأعرج الفقير أسير باب الحديد، الحالم بهنومة الفاتنة. الشيخ حسنى، الضرير الذى يرى افضل من الجميع المفتون بركوب الدرجات النارية. ابو سويلم، الفلاح المصرى الأصيل الذى حارب وانتصر، لا تسوى الحياة عنده شيئا دون أرض ومياة تروى عطشها. عتريس، الطيب الصلب، رقيق القلب عنيف الطبع، المحب لفؤادة حتى وإن أبت ظلمه. وربما من أكثر الشخصيات ثراءا فى تاريخ السينما المصرية هى تلك التى جسدها العظيم أحمد زكى (الفلاح – المجند) أحمد سبع الليل، والتى رسمها وحيد حامد بقلمه وأخرجها للحياة الراحل – الباقى عاطف الطيب.
أحمد سبع الليل، الريفى الفقير الذى لا يعرف عن الدنيا سوى قريته الصغيره حيث لم تمكنه ظروفه الأقتصادية من نيل قسط كاف من التعليم. وطنه يعنى بإختصار الحقل والترعة، متعته الحياتية تقتصر على تجمع مع شباب القرية أمام محل البقالة، يجد ملاذا وهربا من سخرية الجميع فى أداء خدمة التجنيد فى القوات المسلحة.
وعندما يتم استدعاء أحمد سبع الليل للتجنيد الإجباري ولأنه لا يعرف ما معنى التجنيد أو إلى اين يذهب يقوم أحد حكماء القرية، بتوضيح معنى التجنيد لأحمد سبع الليل فيقول "إن الجيش يحمي البلد من أعداء الوطن"، وهنا يرد أحمد وقد فهم أن المقصود قريته "بس بلدنا ما لهاش أعداء"، وهذه الجملة هي مفتاح الأحداث وافتتاحية الفيلم نصا وإخراجا وتصويرا. يتضح فيما بعد أن المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية يخضعون لبرنامج مكثف من الفحص الطبي، بالإضافة إلى تصنيفهم ثقافيا وعلميا، فيصبح أحمد سبع الليل الأمي الذي يجهل القراءة والكتابة، في ذيل القائمة وينتهي الأمر به إلى الانخراط ضمن قوات حراسة أحد المعتقلات الخاصة بالمسجونين السياسيين في منطقة صحراوية معزولة، وهناك يتم تدريبه على إطاعة الأوامر بأسلوب "الطاعة العمياء" التي تتطلب تنفيذ الأوامر بدون أية مناقشة حتى ولو كانت منافية للمنطق. في المعتقل نرى العقيد توفيق شركس (محمود عبد العزيز) وهو نمط الضباط الذي يعيش حياة مزدوجة بين حياته الخاصة حيث يبدو في غاية اللطف والرقة، وبين حياته العملية حيث يمارس أبشع وسائل التعذيب بعنف ووحشية،يرى أحمد سبع الليل أن المعتقلين يجبرون على تناول الخبز من الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، فيسأل لماذا؟ فيقول له الشاويش "هؤلاء أعداء الوطن".
قمة الإثارة في الفيلم عندما يأتي مجموعة من طلاب الجامعة "للتأديب" في المعتقل لتعبيرهم عن رأيهم ويستعد أحمد بالعصاة في يده لتأديب أعداء الوطن، ولكن المفاجأة أن أحد الطلاب هو ابن قريته حسين وهدان (ممدوح عبد العليم) الذي يحبه "أحمد" حبا كبيرا، وتعلم على يديه العديد من أمور الحياة وواجبه تجاه الجندية، وهنا يعصي "أحمد" الأوامر ويمتنع عن ضرب ابن قريته، بل ويدافع عنه ويصرخ وهو يحميه بجسده ويتلقى السياط عنه "ده حسين أفندي ابن الحاج وهدان، أنا عارفه، ده لا يمكن يكون من أعداء الوطن". وهنا تبدأ الحركة الأخيرة من هذا العمل السينمائي، وفيها يعاني أحمد لحظة التنوير عندما يدرك أنه لا يحارب أعداء الوطن، ويسجن مع حسين، ويموت حسين بين ذراعي صديقه متأثرا بلدغة ثعبان، ويعود أحمد إلى عمله وعيناه تقولان إنه قرر أمرا، ولكن أحدا لا يستطيع التنبؤ به.
ينتهي الفيلم بطريقه غير التي تم اقتطاعها، وهي حالة من الثورة تصدر عن احمد سبع الليل عندما يري "مجموعة" معتقلين جدد تدخل الي قلب المعتقل.. فلا يستطيع التحكم في اعصابه ويري أن الحل الامثل هو إطلاق النار بشكل عشوائي علي الجميع حتى زملاءه من صغار المجندين ويترك السلاح من يده ليمسك بالناي ليعزف كما اعتاد قديما.. ويموت في هذا المشهد جميع من بالمعتقل إلا مجند واحد يقوم بإطلاق الرصاص علي احمد سبع الليل فيسقط الناي بجوار السلاح.. ويبدأ صوت العبقري عمار الشريعي ليشدو: يا قبضتي دقي علي الجدار.. لحد ما ليلنا ما يتولد له نهار .. يا قبضتي دقي علي الحجر.. لحد ما تصحي جميع البشر. مع صوت اشبه بمارش عسكري وهمهمه تصاحب خطوات المجند قاتل احمد سبع الليل مبتعدا.
                                         نُشر فى أخبار النجوم 10-5-2012
٠٣‏/٠٥‏/٢٠١٢ 0 comments

سينما الشارع

أحمد بيومى - أفلامجى
قبل ثلاث سنوات تقريبا كنت بصدد الإقدام على إخراج أول عمل تسجيلى، اخترت المليونير الشهير ورئيس نادى الزمالك الأسبق "عبد اللطيف أبو رجيلة" هدفا لفيلمى المنتظر، الذى كان بدوره صاحب أكبر شركة اتوبيسات فى مصر والتى عرفت بأسمه حتى يومينا هذا، إلى جانب تاريخه الرائع الملهم فى نادى الزمالك ودوره الأقتصادى الوطنى الذى سار على خطى ونهج طلعت حرب. عملت فترة لا بأس بها على السيناريو، المعتمد فى الأساس على كتاب من تأليف والدى مصطفى بيومى بأسم "أمبراطور الأتوبيس"، حاولت الأبتعاد قدر الإمكان عن المكاتب المغلقة مكيفة الهواء واللجوء بشكل أكبر إلى الشارع. مرت المشاهد الداخلية سواء فى حرم جامعة القاهرة أو غرفة عميد كلية الأقتصاد والعلوم السياسية وداخل مجلس الشعب وفى قلب نادى الزمالك، وغيرها، هادئة مبشرة بطريقة فاقت توقعاتى المسبقة. وبمجرد الأنتقال لتصوير المشاهد الخارجية بدأت دراما لاهثة لا تخلو من مطاردات.
يرفض الجميع توجيه الكاميرا إلى الشارع، يأبى مدير موقف عبد المنعم رياض تصوير مطاردة الركاب للإتوبيسات المكدسة فى الأصل، يصرخ الظابط الواقف فى ميدان طلعت حرب رافضا إلتقاط لقطة للتمثال، وكأنه من تركة عائلته الخاصة. يخشى العسكرى _نصف النائم_ فى نفق الهرم تعريض سمعة مصر للخدش فى حال ما شاهد العالم تكدس السيارات وغياب النظام. ينتفض سائقى الميكروباص عندما يلمحون العدسة مصوبة إلى الجنية "المكرمش" الذى يغازل العسكرى المغلوب على أمره. يرفض كل حارسى عقارات المحروسة إستغلال أسطح العمارت فى الإساءة للوطن.
وبعد إندلاع شرارة يناير، تفاءلنا خيرا. وانطلق الجميع فى شوارع القاهرة "القاهرة" حاملين كاميرات صغيرة وكبيرة يسجلون ويوثقون الحال، وما آل إليه. وقبل أيام أهدانى صديقى الزميل المبشر الموهوب بالفطرة محمد على القليوبى عددا ضخما من المشاهد التى ألتقطها ضمن مشروع يهدف إلى توثيق حالة الشارع المصرى، وتحديدا وسط القاهرة الساحر الملئ بالأسرار والخبايا.


محمد على القليوبى

ألتقط القليوبى كادرات من وسط القاهرة الذى أصبح متحفا مفتوحا للأفكار، مهما تناقضت واختلفت وتطاحنت. صور وشعارت المرشحين للرئاسة فى خلفية أحاديثه مع ماسحى الأحذية وصناع الشاى. مواطن بسيط الحال يخاطب الكاميرا بإحترافية وينتقى كلماته بعناية داعيا كل من قد يشاهده، عاجلا وآجلا، إلى التفكير وليس التكفير. رجلا من النوبة، طاعن السن، يجلس على مقهى "الأنشراح" استسلم للقدر وقرر التوقف عن الحرب القديمة المعلنة معه، ومداعبة قطع الدومينو يوميا. والعربات الصغير المكدسة المنتظرة لأى مهمة عمل مهما كانت بسيطة، ومن قبل ومن بعد الإشارات التى تملئ الشوارع وتشير إلى "الأتجاة الإجبارى".
وحدها تلك السينما النقية، القادمة من جيل لا يتوقف عن البحث والتنقيب والتجديد، ومناقشة القضية بالقدر الأقصى من المصارحة والمواجهة، وكسر كل الأصنام المحرم الأقتراب منها، وحدها التى نحتاجها الآن. وحدها وما يصاحبها من تقنيات داعمة ناشرة – فاضحة، من يمكنها الصمود أمام طوفان التكفير والإغتيال المعنوى والفكرى الذى نقف على أعتابه الآن.
                                          نُشر فى أخبار النجوم 3-5-2012
 
;