٣٠‏/٠٦‏/٢٠١٢ 0 comments

مستقبل الفن وسط عشيرة الإخوان

أحمد بيومى - أفلامجى
دون أن أدرى، تذكرت جموع المصريين التى خرجت، بعد رحيل الرئيس المخلوع، وهى ترقص فرحا وطربا، وكنت واحدا منهم، ودون إرداة أو رغبة شعرت بسخونة الدموع التى انسالت طوال العام والنصف الماضى على أرواح شهداء سقطوا وعلى من خانهم ورقصوا على جثثهم. تذكرت ما فات، وأنا أشاهد مئات الآلاف التى خرجت احتفالا بالتغيير، ولم أحاول مقاومة رغبتى فى التفكير فى قادم اللحظات. ولأن هوايتى الأولى والأخيرة إلى جانب عملى هى الفن والثقافة والسينما، لم اجد بديلا سوى الحديث عن مستقبل الثقافة والفنون وسط حكم عشيرة الإخوان المسلمين، وهو المصطلح الذى استخدمه رئيس الجمهورية الجديد د. محمد مرسى.
كل العاملين فى المجال الثقافى يدركون تمام الإدراك أنهم على مشارف معركة طاحنة، حرب لا تسعى وراء أشخاصهم المجردة بل وراء أفكارهم المتجددة. وتاريخ مصر الحديث خير شاهد على الدور المحورى للفن برمته. عبد الناصر الذى احترم الفن وأهله، فتهيأت التربة لإستقبال أم كلثوم وحليم وشاهين وجاهين. السادات أدرك الخطورة، فأستخدمه كسلاح لضرب أفكار بعينها وتطويع المناخ، مبارك أدار ظهره للجميع فنجح صناع السينما _تحديدا_ فى توحيد الشعور الجمعى عند المواطن المصرى فى مشهد انتهى بثورة يناير غير المكتملة حتى الآن. والآن وبعد أن تولت جماعة الإخوان مقاليد حكم مصر، وورثت مهام عظيمة هى التى سعت إليها، لا شك أن الملف الثقافى والهوية المجتمعة على أولوية أجندتهم. وأدبيات الجماعة معروفة ومعلنة لكل من رغب وسعى وراء المعرفة، وسبق أن نشرت بعض أهم أفكارهم فى هذه المساحة تحديدا وكانت كلها تدور فى فلك تحريم الفن وضرورة إغلاق دور السينما .. إلخ. وهو موقف منبعه ليس كتب التاريخ فقط، بل مواقف بعينا جرت قبل أشهر قريبة، مثل الزيارة التى قام بها وفد من جبهة الإبداع لمجلس الشعب المنحل، وما نقله المخرج الشاب عمرو سلامة من حديث عندما ذهب لمقابلة لجنة "الثقافة والسياحة والإعلام" لمناقشة دور الرقابة بعد الثورة قام أحد النواب من حزب "الحرية والعدالة" وحدثهم قائلا: "العصر اللي كنتوا بتعملوا فيه أفلام ومسلسلات تشتمنا خلاص راح، إحنا جينا وده كله هاينتهي".
الكرة الآن فى ملعب الراغبين فى المحافظة على هوية الدولة المصرية، قبل أن يتحول انتقاد الأخطاء إلى عيبا فى الذات الحاكمة، بالوقوف ككتلة صلبة واحدة ضد كل من يحاول الهيمنة والسيطرة وفرض إرادته بإعتبارها إرداة الله على الأرض. والخطر، كل الخطر، من هؤلاء أنصاف الموهبين العاملين بالحقل الفنى أو المحسوبين من نقاده، الذين بدأوا بالفعل فى التصفيق والتطبيل للدولة الجديدة، هؤلاء الذين لا يمانعون فى التخلص من كل شئ، مقابل الحفاظ على الكرسى أو البحث عن كرسى أفضل بمميزات أوفر.
                                نُشر فى أخبار النجوم 28-6-2012
٢٣‏/٠٦‏/٢٠١٢ 0 comments

على سبيل التقديم .. مقدمة كتاب "يوسف شاهين .. نظرة الطفل وقبضة المتمرد"

(مقدمة كتاب "يوسف شاهين .. نظرة الطفل وقبضة المتمرد) للناقد إبراهيم العريس
... ذات يوم من أواخر شهر تموز (يوليو) 2008، حلت اللحظة التى كنا نحن، محبى يوسف شاهين وأصدقاءه وأنصار سينماه، نخشى مجيئها. منذ سنوات عديدة، وربما منذ "حدوتة مصرية" كنا نعرف أن هذه اللحظة سوى تجئ يوما. ومنذ ذلك الحين ظلت عواطفنا وأقلامنا وذكرياتنا مستنفرة تماما، فى انتظار مجيئها، خوفا من مجيئها. كان عزاؤنا الوحيد أنها لحظة ظلت تعلن عن حضورها ثم تغيب، غير مأسوف عليها، مرة كل سنتين على الأقل ... وطوال أكثر من عقدين. ولكن خلال السنوات الأخيرة السابقة على لحظة الموت ، بدا يوسف شاهين فى حال الخطر الشديد. وهو نفسه كان قد سبق أن صور تلك الحال فى لحظات سينمائية عديدة، بشكل موارب أو بشكل مباشر "حدوتة مصرية" ... دائما .. ومن هنا، ما كان من حقنا أن نشعر بأية مفاجأة، ما كان من حقنا أبدا أن نتوقع ألا تأتى فى تلك اللحظة.
وهى أتت بالفعل، ومن ناحية القلب تحديدا. القلب وقد أوصل ضعفه إلى الدماغ. نفس القلب الكبير الذى دائما ما انفتح على العالم، على الآخر، على الإنسان، وقال عاليا، وإن بالصورة والحوار المتلعثمين قصدا، ما يهمس به كل فكر عربى نير. هل ستبدو، يا ترى، فى إزاء هذا كله، قساة إن قلنا إننا منذ زمن نترقب هذه اللحظة ... واضعين أيدينا على قلوبنا نأمل فى معجزة، نعرف تماما أنها لن تحدث؟
فى كل مرة كنا نزور فيها "جو" وهو يصور فيلما من أفلامه، كنا نقف قلقين نراقبل الفارق فى الحماسة والقوة لديه، بين أول أيام التصوير وآخرها. فى الآخر يكون منهكا، بالكاد قادرا على الحركة، يتمنى لو أن فى إمكانه أن يفعل ما يفعله عشرات المخرجين الآخرين: أن ينهى تصوير فيلمه كيفما اتفق. أن يختصر، أن يسلق الأمور "سلقا"، بحسب التعبير الشائع، لأنه تعب وبات يخشى أن يموت قبل ان يقول آخر "آكشن" فى برنامج العمل. لكن شاهين، القادر عادة على كل شئ، كان يبدو فقط عاجزا عن هذا. بل أكثر: يروى لنا منتجه وصديقه وابن اخته جابى خورى، أنه دائما حين يقترب التصوير من نهايته، كنت أقصده مشفقا قلقا، كى نختصر العمل ونضحى بشئ من "الكمال" المتوخى، حاملا إليه برنامجا بديلا ... فافأجأ به يبادرنى قبل أن أتكلم، قائلا: " ... اسمع يا جابى، جائتنى فكرة رائعة لفيلمى المقبل". هنا فى مثل هذه الحالات يسقط فى يد جابى، ويضرب وجهه بيديه، "خوفا على الأستاذ"، لكنه فى الوقت نفسه يدرك أن عليه أن يستعد لخوض مغامرة أخرى جديدة معه، غالبا ما تكون السينما هى الرابحة فيها. وهذه "الغالبا" هى هنا من عند كاتب هذه السطور .. وبالتحديد لأن بعض ما حققه شاهين فى السنوات الأخيرة، كفيلم كامل أو جزء من فيلم، ليس من المنطقى اعتباره ربحا للسينما.
هذا الكلام قد يبدو هنا فى غير محله، لكن شاهين، الفنان والناقد الصديق، عودنا دائما أن نكون صادقين معه. من هنا حين نقول له مثلا، أن "الآخر" لم يقنعنا، وأن النصف الثانى من "هى فوضى"، أشبه بفيلم هندى متهافت، وأن بعض ما في "سكوت هنصور" ليس شاهينيا، لا يزعل ... بل يتذكر تماما أن من يقول له هذا، هو نفسه من يدافع بقوة عن "أسكندرية / نيويورك"، ومن حمل "المصير" راية عالية للسينما العربية، وناصر "المهاجر" و"اليوم السادس" يوم كانا عرضة للهجوم على جبهات عدة. حين نقول لشاهين أن "الإسكتش" الذى حققه فى "11/9" ساذج وغير منطقى بل ديماجوجى، لايفوته فى اللحظة نفسها أن من يقول هذا، هو نفسه الذى أختار"الآرض" و"باب الحديد" و"عودة الأبن الضال" ثلاثة من بين أعظم عشرين فيلما فى تاريخ السينما العربية.
لعبة العلاقة مع النقد كان شاهين يتقنها إتقانا تاما. كان يعرف أن المبدع فى حد ذاته هو صاحب نظرة نقدية تلقى على الآخر، على التاريخ وعلى الذات. وبالتالي لا يحق له أن يغضب حين يلقى ناقد ما، ول نظرة قاسية على أعماله هو نفسه. وشاهين عبر عن هذا، فى شكل عملى وجميل ذات مرة: كان سمة شئ من الجفاء بينه وبين كاتب هذه السطور. وكان شاهين يصور فى ذلك الحين بعض مشاهد رائعته "المصير". كنا فى القاهرة مع أصدقاء آخرين من بينهم الناقد قصى صالح الدرويش، والراحل غسان عبد الخالق. دعتنا يومها الفنانة الصديقة ليلى علوى، بطلة الفيلم لحضور التصوير ليلا فى استديو جلال. ترددنا، إذ لم نرد أن نربك شاهين بزيارتنا موقع التصوير ونحن على جفاء. قالت: الدنيا ليل، وأرجو ألا تلتقيا. فإن ألتقيتما، حاول أن تتصرف بهدوء. ذهبنا وشاهدنا التصوير واقفين جانبا. ولكن فى لحظة كنا نتحدث فيها إلى ليلى، فاجأنا شاهين بوقوفه معنا مرحبا وهات يا عناق. دهشت ليلى ونظرت غلى شاهين بعينيها، فقال ردا على نظرتها: "إيه .. مالك .. ما إحنا وأنا وابراهيم بنشتم بعض من ثلاثين سنة ولا نزال زى البمب ...".
هكذا اختصر شاهين، يومها، الحكاية. واليوم، إذ رحل، يمكننا أن نتصور أنه لو كان بيننا ورأى حزننا عليه كان من شأنه أن ينظر إلينا ساخرا ويقول: "فيها إيه ... زعلانين ليه ... ما أنا والموت نتصارع منذ ثلاثين سنة ... ولانزال زى البمب ... ". شاهين لم يكن يبالى بالموت كثيرا. فهو، كمبدع، كان شاعرا ... ويعرف تماما قولة جان كوكتو من أن الشعراء لا يموتون طالما أن أغنياتهم تبقى منتشرة فى الأزقة. وشاهين حقق طوال ستين سنة، تقريبا، أفلاما من المؤكد أن معظمها يبقى حيا ... بل ستبقى حية أيضا، أجزاء كثيرة ومواقف حتى فى أفلامه الأقل جودة. فالحال، إذا كان أسم يوسف شاهين قد تصدر الصحف ووسائل الإعلام فى أخبار تابعت لحظة بلحظة وضعه الصحى وغيبوبته ونقله إلى فرنسا ووصوله إلى النهاية، فما هذا إلا لأنه – بالتحديد- حقق هذه الأفلام وصور تلك المشاهد.
ولعلنا، فى تأملنا لهذا الواقع الأخير، نعلن بهدوء انتصارا ما ليوسف شاهين. وإذ نقول يوسف شاهين هنا، نعنى فى الوقت نفسه انتصار السينما، وأكثر من هذا: انتصار المخرج. ذلك أن الكلمات الثلاث: شاهين، سينما، ومخرج، ليس من السهل تفريقها بعضها عن بعض. وهذا منذ فيلم شاهين الأول "بابا آمين" الذى بتحقيقه عام 1949، أعلن شاهين ولادة جديدة لنجم سينمائى جديد هو المخرج. لا نعنى بهذا أن المخرج لم يكن موجودا قبل ذلك فى السينما العربية ... إذ إن مبدعين مثل صلاح أبو سيف وكامل التلمسانى وكمال سليم وحتى نيازى مصطفى وبركات وربما كمال الشيخ وعاطف سالم، حضروا مبدعين حقيقين فى السينما المصرية قبل شاهين.
لكن شاهين خطا بموقع المخرج خطوة أخرى إلى الأعلى .. أعلن ولادة المخرج – المؤلف، المخرج الذى يستقى مواضيعه من نظرته إلى العالم ومن همومه الخاصة (الذاتية، حتى فى بعد نرجسى، لاحقا)، فارضا على السيناريو رؤاه، حتى وإن كتبه آخرون، بل مبدعون كبار فى أزمانهم من طينة عبد الحى أديب "باب الحديد" أو لطفى الخولى "العصفور" أو حسن فؤاد "الأرض" عن رواية لعبد الرحمن الشرقاوى. وكان هذا هو الجديد: ولادة المخرج – المؤلف، أو شبه المؤلف، وذلك قبل ولادة هذا، على يد الموجة الجديدة الفرنسية بنحو عقد كامل من السنين. إذ، علينا ألا ننسى هنا أن شاهين يمكن اعتباره فى الإبداع العربي، الترجمة المبكرة، لما سيقوله فى آخر سنى حياته الكاتب الفرنسى آلان – روب غرييه، من أن المبدع، ومهما كانت موضوعية ما ينتج وشئيئيته، هو لا يتحدث فى نهاية الأمر إلا عن نفسه. وشاهين، لأنه مبدع حقيقى، جعل سينماه مرآة لنفسه منذ البداية: إذ حتى "بابا آمين" إن نظرنا إليه اليوم على ضوء مسيرة شاهين التى نعرف، سيبدو فيلما ينتمى إلى السيرة الذاتية.
ولنضف غلى هذا أمرا أساسيا: أن يوسف شاهين كان واحدا من قلة من مبدعين عرب، لم يمارس فى حياته سوى مهنة واحدة: الإخراج السينمائى. ربما أنتج أحيانا، وربما مثل فى بعض أفلامه، وربما حقق عملا أو أكثر للمسرح، لكنه بصورة عامة، أمضى عقود حياته المهنية، حتى النهاية، وهو لا يعرف لنفسه مهنة أخرى سوى الإخراج السينمائى. ولعل هذا ما يوصلنا إلى لحظة الدهشة القصوى، التى تبعثها ظروف الأيام السابقة لرحيل شاهين حيث باتت أخباره الصحية، أخبار صفحات أولى فى معظم الصحف ونشرات الأخبار العربية. ذلك أن المدهش فى هذا أن شاهين ليس رجل سياسة ولا هو نجم غناء، ولا ظاهرة اجتماعية. شاهين هو، وفقط، مخرج سينمائى. ومه هذا ها هو يعامل، إعلاميا، كنجم حقيقى، وها هم عشرات ملايين العرب، وأهل مهنة مهتمون خارج العالم العربى أيضا، يتابعون وضعه الصحى لحظة بلحظة، بمن فيهم أناس ربما لم يقيض لهم أن سشاهدوا أى فيلم كبير من أفلام شاهين. ترى، أو ليس فى هذا كله انتصار للمبدع، ولا نعنى هنا بالمبدع شاهين وحده، بل بالمبدع العربى فى شكل عام؟ وترى، كم مخرجا سينمائيا فى العالم يمكنه، حين يمرض وينقل إلى المستشفى، أن يحظى بمثل هذا الأهتمام العام؟ نحن قد نفهم ضجة تُثار من حول رحيل سعاد حسنى أو أحمد زكى، وحزنا يسود لرحيل أم كلثوم أو فريد الأطرش أو فايزة أحمد، أو – بخاصة -  عبد الحليم حافظ، أو جمال عبد الناصر ... ولكن – بصراحة – يدهشنا الاهتمام نفسه إذ يعطى لفنان، شديد الخصوصية، مثل يوسف شاهين. ومرة أخرى نميل إلى اعتبار هذا الاهتمام انتصارا للفن الحقيقى.
الفن الحقيقى ... وإن كنا نعرف أن ليس كل ما حققه شاهين، ينتمى إلى هذا الفن الحقيقى. فالمخرج الذى حقق بعض أجمل روائع السينما العربية – خائضا فى سبيلها ألف معركة ومعركة – هو نفسه الذى حقق ميلودرامات غنائية قد لا تتماشى كثيرا مع سمعته (سلسلة أفلام فريد الأطرش وغيره، يصعب على المرء تخيل تحقيق شاهين لها، حتى وإن كانت تعتبر من أفضل أفلام هذا الفنان الموسيقى الغنائى الكبير وأفلام غيره من نجوم عملوا مع شاهين كنجوم لا أكثر)، وهو نفسه الذى حقق أعمالا هى أقرب إلى فن الدعاية الديماجوجية (مثل "الناس والنيل" و"الناصر صلاح الدين" حتى ولو أننا كنا نتمنى لو أن كل الفنون الديماجوجية العربية تأتى على هذا المستوى) ... ففى مسار يوسف شاهين أعمال لا ترقى إلى مستوى شاهين. ولكن بما أن فن السينما هو ما هو عليه، وبما أن الأمر ليس بطولات دونكيشوتية، يبقى أن فى إمكاننا التأكيد أن شاهين، حتى حين كان يحقق أعمالا "تجارية" أو "ديماجوجية" كان قادرا على أن ينفد بجلده ويزين العمل، أي عمل، بلحظات شاهينية حقيقية، ما جعله يبقى دائما متساوقا مع نفسه، محافظا على ما يمكننا اعتباره حدودا دنيا فى لعبة الإبداع.
انطلاقا من هذه الفكرة، فقط، يمكن النظر دائما إلى سينما شاهين بغثها وسمينها، على أنها تشكل وحدة متكاملة ترتبط فيها دائما عناصر أساسية متكاملة: عنصر النظرة المشاكسة إلى الواقع، عنصر موقع الذات فى هذا الواقع، وعنصر الربط بين الأسباب والنتائج. فمثلا حين كان شاهين يريد أن يتحدث عن هزيمة عربية، كان يعرف تماما أن عليه ألا يكتفى بالقول إن هناك هزيمة وأن هذا الطرف أو ذاك هو المسئول عنها ... بل يصل إلى ربط الهزيمة بأسبابها العميقة، وبالخيانات وضروب التخلف والصراعات (واتساع النسيج فى هذا المجال هو الذى جعله، مثلا، لا يتحدث عن هزيمة حزيران / يونيو فى أقل من اربعة أفلام متكاملة: "الأرض"، "العصفور"، "الاختيار"، و"عودة الابن الضال")، ومحاكمة الراهن، فى الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين، احتاجت منه إلى عودة إلى التاريخ (فكانت افلام تبدو لنا مترابطة فى نهاية الأمر، مثل "وداعا بونابرت" و"المهاجر" و"المصري")، ومحاكمته – التبسيطية على اية حال لما تصور، وصور له أنه العولمة – احتاجت منه أفلاما عدة وتدخل مفكرين سايروه فى فكرته عن العولمة (مثل الراحل إدوارد سعيد والسياسى حمدين صباحى، فى "الآخر"، عبر ثرثرة غير مفيدة) وكذلك إلى مواقف عدة نجدها فى أضعف أفلامه الأخيرة ("الآخر" و"11/9") كما فى أقواها ("إسكندرية / نيويورك").
غير أن شاهين لم يكن ينسى، فى خشم هذا كله، أن يحاكم فئة رأى أنها مسئولة إلى حد كبير عما يحدث، هى فئة المثقفين. ومن هنا رأيناه يدين هذه الفئة، وفى عدد كبير من أفلامه (مثل "باب الحديد" و"الاختيار" و"الأرض" و"عودة الابن الضال")، ما أوصله إلى ذاته ومحاكمتها، وغالبا عارية، فى سلسة أفلامه الذاتية، التى قد تحسب ذات يوم، من أفضل ما حقق شاهين وحققت السينما المصرية فى تاريخها، والتى بدأت فى شكل شديد الوضوح (لأن ذاته حضرت، أصلا، فى معظم سينماه، عمليا ومنذ فيلمه الأول كما أشرنا)، مع "إسكندرية ليه؟" لتصل إلى "إسكندرية / نيويورك" مرورا بـ "حدوتة مصرية" و"إسكندرية كمان وكمان". لكن المدهش فى هذا كله وعند هذه النقطة، هو أن شاهين عاد وربما منذ "المصير" ليتصالح، من ناحية ذاته، ومن ناحية أخرى مع المثقف، بعد إرهاصات حول هذه العودة، فى "وداعا بونابرت" و"المهاجر" ... وربما يعود هذا، ببساطة، إلى أن شاهين، إذ تفاقمت الهزائم العربية، وتبين أن ثمة فى العالم العربى – والإسلامى أيضا، لكن هذه حكاية أخرى_، ما هو أخطر: الأرهاب الذى يطول المثقف وانطلاقا من سيرورة الوعى العام، أكثر كثيرا مما يطاول السلطات القمعية وغير القمعية، غير اتجاهه، وراح يدافع عن المثقف والفكر بكل وضوح، ما كلفه غاليا كما نعرف.
من الواضح أن هذا كله، فى سياق تحليل وقراءة سينما شاهين، كان حاضرا وممكنا منذ زمن بعيد. حتى وإن كنا نعرف أن عمل الفنان، أى فنان، لا يمكن أن يعالج بصورة تدنو من الاكتمال، طالما فى إمكانه هو أن يبدع المزيد، وبالتالى يقدم مزيدا من المفاتيح لفهم أعماله، وربما حياته أيضا من خلال هذه الأعمال. ومن هنا، إذ يغيب شاهين اليوم عائدا إلى الملكوت الأعلى، بات ممكنا فى اعتقادنا، استكمال قراءة ما، لعمله، هى فى نهاية الأمر قراءة تطاول عمل شاهين، غالبا، فى ترابط هذا كله بتاريخ ورؤى من يكتب عن شاهين. ذلك أننا بتنا نعرف منذ زمن بعيد، أن كل كتابة هى فى الوقت نفسه كتابة عن المكتوب عنه، وكتابة عن الكاتب. ولئن كنا فى هذا الكتاب، قد قرأنا شاهين على ضوء سينماه، وسينما شاهين على ضوء حياة الرجل، لاشك أن ثمة عاملا آخر دخل دائما على الخط، هو حضور كاتب هذه السطور نفسه. فما هذا الكتاب سوى قراءة لعمل مبدع، جعل هو الآخر سينماه قراءة لمجتمعه وموقعه من هذا المجتمع. أنها لغة الذات أولا وأخيرا، لغة لاشك أن شاهين كان أول من يسارع إلى الموافقة عليها. وهو فعل هذا فى حياته على أية حال. ذلك أن لهذا الكتاب قصة، كان شاهين يعرفها لأنه هو، فى نهاية الأمر بطلها. فهذا الكتاب لم يوضع، بالطبع، بعد رحيل شاهين. بل استكما فقط بعد هذا الرحيل. الكتاب كان أصلا عملا تكريميا ليوسف شاهين كلفت وزارة الثقافة المصرية كاتب هذه السطور بوضعه قبل أربعة أعوام، حين كان يجرى التحضير لتكريم صاحب "الأرض" و"المصير" ضمن إطار مهرجان السينما القومية. يومها اتصل الناقد الصديق، ورئيس المهرجان، على أبو شادى، بكاتب هذه السطور ليخبره أن الوزارة بصدد تكريم شاهين وأنها اتفقت مع الأستاذ على أن يقوم إبراهيم العريس بوضع كتاب عنه. على الفور يومها شرع كاتب هذه السطور فى العمل. ولكن ما إن مضى شهر حتى أعلن شاهين أنه يفضل ألا يكرم ضمن الإطار الذى شرح له. وكان تلقائيا، أن يتوقف العمل على الكتاب. وبعد ذلك، خلال حديث بي المهندس إبراهيم المعلم، عن دار الشروق، وكاتب هذه السطور جئ لىك الكتاب، فأبدى حماسة كبرى لاستكماله ونشره. ومنذ ذك الحين، اسؤنف العمل فى الكتاب، الذى راح شاهين، بعد أن قرأ فصلا منه (حول "سينماه الذاتية")، يطالب كاتب هذه السطور بإنجازه بسرعة "لأننى أريد أن أقرأه قبل أن أموت". لكن إنجاز الكتاب تأخر لأسباب ربما كان من أهمها الرهبة أمام وضع جردة حساب لعمل لم يكن قد اكتمل بعد. أما اليوم، وقد اكتمل العمل الشاهينى، للأسف، ها هو الكتاب يكتمل فى صيغته الراهنة ... ولكن فقط كى يكون صدوره، بداية لسجال متجدد دائما حول سينما يوسف شاهين، سجال لا نعتقد أن عليه أن يكتمل أبدا. لأن الفن الكبير هو الفن الذى لا يتوقف الحديث عنه. وفن يوسف شاهين فن كبير.
                                              إبراهيم العريس
                                       بيروت آب (أغسطس) 2008
                                                       
٢١‏/٠٦‏/٢٠١٢ 0 comments

سفينة الحرب .. امريكا واليابان إيد واحدة

أحمد بيومى  - أفلامجى
حاولت تجنب الكتابة عن الفيلم الأمريكى "سفينة الحرب" battleship للمخرج بيتر بيرج، صاحب أفلام "هانكوك" و"المملكة"، والذى يعرض فى دور العرض حاليا لعدة أسباب أهمها على الإطلاق هى الحبكة التقليدية المتكررة، وعدلت من قرارى وتناولت الفيلم لدوافع أكشفها فى السطور القادمة.
"سفينة الحرب" يجذب انتباهك _للمرة الأولى والأخيرة_ خلال المشهد الأفتتاحى، حين نجد أنفسنا داخل إحدى المعامل وأمام عالم يعلن للعالم عن إكتشافه لكوكب صالح للمعيشة، وعن نيتهم للتواصل مع سكان هذا العالم الآخر فى حال وجود أى نوع من الحياة هناك. ويأتى تعقيبا على هذا الأكتشاف تعليق من باحث آخر مفاده أن الأمر اشبه بأكتشاف كولومبس للقارة الأمريكية والسؤال الآن من المنوط به لعب دور الهنود الحمر ومن عليه لعب شخصية المحتل الجديد. فلسفة تبشر بعمل جيد ولكن سرعان ما تخيب الآمال.
بالتوازى مع هذا الكشف، نرى مبارة فى كرة القدم بين فريق البحرية الأمريكى ونظيره اليابانى، ويصفها المعلق بأنها أكثر أهمية من نهائى كأس العالم، المبارة تقام وفى خلفيتها سفن حربية ضخمة تحيلك بالضرورة إلى أحداث بيرل هاربر التى كانت سببا فى أكبر مجزرة بشرية عرفها التاريخ الإنسانى حين استخدمت الولايات المتحدة الأمريكة القنبلة النووية. يخسر الفريق الأمريكي بعد غرور البطل ليسدد الكرة بعيدا تماما عن المرمى اليابانى، غروره الذى تكرر فى عدة مواقف، منها تلقينه لمنافسه اليابانى علقة موت، دفعت القيادة إلى إتخاذ قرار بفصله من البحرية بعد المناورة التدريبية التى هم على وشك القيام بها.
يخترق الغلاف الجوى للأرض خمس مركبات قادمة من حضارة مختلفة أكثر تطورا، وتسقط فى المنطقة التى يجرى فيها التدريب البحرى. يقيم الغرباء ستارا إلكترونيا يمنع الترسانية العسكرية الأمريكية من التعامل وخوض المعركة ليجد الأمريكى المتهور ألكس هوبر نفسه مع صديقه _عدوه السابق_ اليابانى يدا واحدة فى مواجهة المحتل. وبعد ساعة ونصف تقريبا من مطاردات وأكشن أمريكى شديدة الرتابة ومكرر فى عشرات الأعمال السابقة، ينتصر الظابط الأمريكى _راعى البقر_ على العدو الغبى. بعد أن يستعين بمجموعة من قدامى البحرية الأمريكية الذين سبق وأن شاركوا فى الحرب العالمية الأولى وإستعانته بسفينة حربية لم تبرح مكانها منذ ما يزيد عن الخمسون عاما. من جديد تحاول السينما الأمريكية صنع تاريخى وهمى، تنبش الماضى وتجمل الصورة مهما كانت مؤلمة وبشعة.
وفى إطار تجميل الصورة القاتمة، نجد شخصية المحارب السابق فى الجيش الأمريكى صاحب البشرة السوداء، والذى فقد قدميه أثناء الحرب الأخيرة ويخضع للعلاج الطبيعى وإعادة التأهيل، ويقف على قدمين صناعتين، وجها لوجه أمام الكائن الفضائى ويكيل له اللكمات حتى يسقط له صف أسنانه الأمامى. تروج هوليوود للحلم الأمريكى، وتسعى للتأكيد أن الحلم يتسع للجميع، وأن القوة المطلقة هى الحل، وعدو الماضى هو الصديق الحالى فى حال ما توافقت المصالح واتحدت الأهداف.  
                                  نُشر فى أخبار النجوم 21-6-2012
١٤‏/٠٦‏/٢٠١٢ 2 comments

حلم عزيز .. دوامة من السخافة

أحمد بيومى - أفلامجى
صدمة وخيبة أمل كبيرة رافقتنى عقب انتهاء فيلم "حلم عزيز" للمخرج عمر عرفة. العمل يمهد منذ البدء، أي خلال الحملة الإعلانية، أنه خارج عن المألوف ويدور فى عالم الفانتازيا واللامعقول، ومن ثم يهيئ المشاهد نفسه على استقبال وجبة دسمة غير معتادة حتى وإن دارت فى فلك الكوميديا. لكن ماحدث أن العمل جاء دون كل التوقعات واصبحت متابعة مشاهده المتعاقبة كالغوص فى دوامة من السخافة التى لا تنتهى.
أحمد عز الذى لعب شخصية عزيز، رجل الأعمال شديد الثراء، خفيف الظل، صاحب العلاقات النسائية التى لاتنتهى والغارق فى بحر الملذات، والذى لا تستطيع أى شخصية نسائية عابرة مقاومة سحره وجاذبيته، وهى تيمة استهلكها عز فى أفلام كثيرة سابقة. فجأة يحلم بوالده "شريف منير" القادم من عالم الجنة ويطلب منه صعود سلما من ثلاثين درجة، وبالتوازى مع صدفة وفاة صديقه "عمرو مهدى" مفتول العضلات الذى حلم نفس الحلم قبل وفاته، يقتنع عزيز أن وفاته باتت وشيكة وأن الأمر يقتصر على ايام قليلة. ومن ثم يحاول تخليص ديونه القديمة المتمثلة فى تطيهر ماضيه الملوث بمن اساء لهم وبنى على أكاتفهم ثروته.
يخلط سيناريو الفيلم بشكل ساذج بين الفانتازيا التى بنى عليها جوهر العمل، وبين الواقعية المفرطة فى رحلة تخليص الذنوب. ويرسم الشخصيات المتوالية بشكل نمطى متكرر، الطبيب النفسى صاحب الشعر المشعث، الشيخ الذى يلجأ له لتفسير الحلم، السكرتيرة المطيعة، صديق البطل – السنيد، السائق الخاص، الطفل الصغير، شخصيات عديدة هدفها الأساسى مساعدة البطل المطلق فى إطلاق الأفيهات واسقبال الصفعات واللكمات. العناصر التمثيلية كلها ربما باستثناء صلاح عبدالله، غلب عليهم المبالغة فى الأداء. إلى جانب الحوار المباشر بدرجة تفوق الوصف عن الموت والحياة، ووجوب التوبة قبل الحساب. حوار سينمائى لم يحاول القائمون عليه تجويده وتطويعه ورسم مرادفات سينمائية بصرية تحول دون الاستطراد السقيم، وهو أمر يسأل عنه المخرج بلا أدنى شك.
الطامة الكبرى كانت مع الأستخدام الطفولى للجرافيك، وهو الأمر الذى يطرح تساؤل، هل الجرافيك فى مصر وسيلة أم غاية؟، العالم بأسره الذى اخترع واستخدم الجرافيك فى السينما يدرك أنه وسيلة لإيصال المشاهد إلى حالة من حالات الإقتناع بالعالم الآخر الذى يرسمه صناع العمل. وعليه فأن المشاهد يترك عالمه الحقيقى وينفصل تماما ليعيش وفقا لقوانين العالم الجديد المتخيل. أما ما يخدث فى مصر، وتحديدا من خلال فيلم "حلم عزيز"، أن الجرافيك اصبح غاية، يتباهى بها صناع العمل دون الوضع فى الأعتبار مدى كفاءة الجرافيك المستخدم ومدى إمكانية العمل به من عدمها، حتى لا يخرج العمل _كما حدث_ مثيرا للضحك وللسخرية.
تساؤل آخر حول مشاركة شريف منير فى دور لا يضيف له جديدا، مشاهد سيئة الكتابة لا تسمح له بإظهار إمكانياته التمثيلية العالية. هل رغب شريف فى التواجد السينمائى حتى لا ينفصل تماما عن جمهور السينما؟ هل نسى أن عدم التواجد أفضل كثيرا من التواجد فى عمل قد يخصم من رصيده، أم أنه فضل أن يجرب تقنيات الجرافيك الجديدة من باب العلم بالشئ؟!. أما أحمد عز، عليه بدء رحلة تغيير الجلد، والبحث الجاد عن افكار جديدة تصلح للوضع فى تاريخه السينمائى الذى يسعى فى بناءه، حتى لا يتفاجئ أنه بعد مرور السنوات أصبح رصيده خاليا ولا يتوافق مع حجم المحبة التى يحظى بها عند جمهوره.
                             نُشر فى أخبار النجوم 14-6-2012
٠٦‏/٠٦‏/٢٠١٢ 0 comments

نوفل والزناتى .. ياواش يا واش



هل كانت نهاية طيور الظلام، أم مجرد بداية؟؟

أحمد بيومى - أفلامجى
وحدها تلك الشخصيات السينمائية التى من لحم ودم وروح التى تبقى فى الذاكرة وتحجز لنفسها مكانا فى قلب الوجدان. ويحتل أبطال فيلم "طيور الظلام"، للمبدع وحيد حامد والمبهر شريف عرفة، فتحى نوفل وعلى الزناتى، مكانا متقدما فى اللائحة القصيرة للشخصيات الخالدة فى ماضى ومستقبل السينما المصرية.
فتحى نوفل المحامى العبقرى الفقير المنتظر للفرصة التى تنقله إلى مصاف الرجال المهمين أصحاب المال والسلطة والنفوذ، وعلى الزناتى صاحب نفس الوضع والطموح، الذى يختار الفرصة السانحة بإنضمامه إلى الجماعات الإسلامية صاحبة المطامع السياسية فى السيطرة على حكم البلاد. صداقة قديمة نراها فى العديد من المواقف، عندما يستعين نوفل بالزيناتى للدفاع عن عاهرة، أو حين يلجأ نوفل إلى إلى صديقه لإنجاح رجل النظام فى الأنتخابات فيخبره أنه رمزا من رموز الفساد، يندهش نوفل موضحا لصديقه القديم أن فصيله الإسلامى يعيش ويتغذى على الفساد، مواقف كثيرة دائرة حول بؤرة المصالح المتبادلة. الكل يسعى وراء مصلحته مستعينا بالشيطان إن لزم الأمر، ووحدها المصالح المتضاربة هى القادرة على التفريق بينها. فحين يطلب الزيناتى من صديقه رد الدين القديم ومطالبته بالتدخل لإنجاح فصيله فى الإنتخابات النقابية والعمالية، يقف الأثنان وجها لوجه ملوحين لبعضهما بالماضى القديم وأن كلاهما يحمل للآخر الكثير والكثير، يحاول الزناتى البقاء على نبرة المصلحة، يرفض نوفل قائلا: "اتنين ديابة ما ينفعش يعيشوا فى قفص واحد".
فى الخلفية، نرى شخصية "محسن"، اليسارى المناضل صاحب الشعارات المؤمن بالعدالة الإجتماعية غير الراغب سوى فى قوت يومه، يتابع من البعيد – القريب ومن خلال الصحف المعركة الدائرة، ولسان حاله _وحالنا_ اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا منها سالمين، يبتسم ويضحك على وقع طرقعة أحجار الشيشة التى ينفث معها غضبه وصبره.
خارج إطار المصلحة، يظهر العود القديم المعلق على الحائط الملئ بالأتربة، المنسى وسط الصخب، الصامت حين يجب الكلام. وحده العود هو القادر على كشف حقيقة على الزيناتى المحب للحياة، وحده القادر على نزع قناع الزيف الساعى للسلطة متنكرا بوجه الإسلام، وإظهار إنسانيته ومصريته المتلونة على حسب جهة التمويل الخارجية. وحده العود الذى يستطيع إنطاق لسانه باللهجة المصرية قائلا "يا واش يا واش"، بعد أن يتخلى عن اللهجة التى تضمن له إنصات الفقراء والجهلة وتدفق أموال الخليج.   
حين يجد الأثنان نفسهما داخل أسوار السجن، يدركان أن المبارة مستمرة، وأن الكرة لازالت فى المتناول. يتسابقان وراء الهدف، يزيحان كل من يعترض طريقهما، يرتميا على الكرة التى تبتعد عنهما لتصدمنا _نحن المشاهدون_ وتكسر الشاشة وتحيلها حطاما منثورا. المعركة بين نوفل والزناتى قائمة ومعلنة ومستمرة لعن الله من أنكرها، والخاسر دائما مصر، لعن الله الصمت ومن صمت.
                                       نُشر فى أخبار النجوم 7-6-2012
 
;