٠٦‏/٠٦‏/٢٠١٢

نوفل والزناتى .. ياواش يا واش



هل كانت نهاية طيور الظلام، أم مجرد بداية؟؟

أحمد بيومى - أفلامجى
وحدها تلك الشخصيات السينمائية التى من لحم ودم وروح التى تبقى فى الذاكرة وتحجز لنفسها مكانا فى قلب الوجدان. ويحتل أبطال فيلم "طيور الظلام"، للمبدع وحيد حامد والمبهر شريف عرفة، فتحى نوفل وعلى الزناتى، مكانا متقدما فى اللائحة القصيرة للشخصيات الخالدة فى ماضى ومستقبل السينما المصرية.
فتحى نوفل المحامى العبقرى الفقير المنتظر للفرصة التى تنقله إلى مصاف الرجال المهمين أصحاب المال والسلطة والنفوذ، وعلى الزناتى صاحب نفس الوضع والطموح، الذى يختار الفرصة السانحة بإنضمامه إلى الجماعات الإسلامية صاحبة المطامع السياسية فى السيطرة على حكم البلاد. صداقة قديمة نراها فى العديد من المواقف، عندما يستعين نوفل بالزيناتى للدفاع عن عاهرة، أو حين يلجأ نوفل إلى إلى صديقه لإنجاح رجل النظام فى الأنتخابات فيخبره أنه رمزا من رموز الفساد، يندهش نوفل موضحا لصديقه القديم أن فصيله الإسلامى يعيش ويتغذى على الفساد، مواقف كثيرة دائرة حول بؤرة المصالح المتبادلة. الكل يسعى وراء مصلحته مستعينا بالشيطان إن لزم الأمر، ووحدها المصالح المتضاربة هى القادرة على التفريق بينها. فحين يطلب الزيناتى من صديقه رد الدين القديم ومطالبته بالتدخل لإنجاح فصيله فى الإنتخابات النقابية والعمالية، يقف الأثنان وجها لوجه ملوحين لبعضهما بالماضى القديم وأن كلاهما يحمل للآخر الكثير والكثير، يحاول الزناتى البقاء على نبرة المصلحة، يرفض نوفل قائلا: "اتنين ديابة ما ينفعش يعيشوا فى قفص واحد".
فى الخلفية، نرى شخصية "محسن"، اليسارى المناضل صاحب الشعارات المؤمن بالعدالة الإجتماعية غير الراغب سوى فى قوت يومه، يتابع من البعيد – القريب ومن خلال الصحف المعركة الدائرة، ولسان حاله _وحالنا_ اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا منها سالمين، يبتسم ويضحك على وقع طرقعة أحجار الشيشة التى ينفث معها غضبه وصبره.
خارج إطار المصلحة، يظهر العود القديم المعلق على الحائط الملئ بالأتربة، المنسى وسط الصخب، الصامت حين يجب الكلام. وحده العود هو القادر على كشف حقيقة على الزيناتى المحب للحياة، وحده القادر على نزع قناع الزيف الساعى للسلطة متنكرا بوجه الإسلام، وإظهار إنسانيته ومصريته المتلونة على حسب جهة التمويل الخارجية. وحده العود الذى يستطيع إنطاق لسانه باللهجة المصرية قائلا "يا واش يا واش"، بعد أن يتخلى عن اللهجة التى تضمن له إنصات الفقراء والجهلة وتدفق أموال الخليج.   
حين يجد الأثنان نفسهما داخل أسوار السجن، يدركان أن المبارة مستمرة، وأن الكرة لازالت فى المتناول. يتسابقان وراء الهدف، يزيحان كل من يعترض طريقهما، يرتميا على الكرة التى تبتعد عنهما لتصدمنا _نحن المشاهدون_ وتكسر الشاشة وتحيلها حطاما منثورا. المعركة بين نوفل والزناتى قائمة ومعلنة ومستمرة لعن الله من أنكرها، والخاسر دائما مصر، لعن الله الصمت ومن صمت.
                                       نُشر فى أخبار النجوم 7-6-2012

0 comments:

إرسال تعليق

 
;