٣٠‏/٠٦‏/٢٠١٢

مستقبل الفن وسط عشيرة الإخوان

أحمد بيومى - أفلامجى
دون أن أدرى، تذكرت جموع المصريين التى خرجت، بعد رحيل الرئيس المخلوع، وهى ترقص فرحا وطربا، وكنت واحدا منهم، ودون إرداة أو رغبة شعرت بسخونة الدموع التى انسالت طوال العام والنصف الماضى على أرواح شهداء سقطوا وعلى من خانهم ورقصوا على جثثهم. تذكرت ما فات، وأنا أشاهد مئات الآلاف التى خرجت احتفالا بالتغيير، ولم أحاول مقاومة رغبتى فى التفكير فى قادم اللحظات. ولأن هوايتى الأولى والأخيرة إلى جانب عملى هى الفن والثقافة والسينما، لم اجد بديلا سوى الحديث عن مستقبل الثقافة والفنون وسط حكم عشيرة الإخوان المسلمين، وهو المصطلح الذى استخدمه رئيس الجمهورية الجديد د. محمد مرسى.
كل العاملين فى المجال الثقافى يدركون تمام الإدراك أنهم على مشارف معركة طاحنة، حرب لا تسعى وراء أشخاصهم المجردة بل وراء أفكارهم المتجددة. وتاريخ مصر الحديث خير شاهد على الدور المحورى للفن برمته. عبد الناصر الذى احترم الفن وأهله، فتهيأت التربة لإستقبال أم كلثوم وحليم وشاهين وجاهين. السادات أدرك الخطورة، فأستخدمه كسلاح لضرب أفكار بعينها وتطويع المناخ، مبارك أدار ظهره للجميع فنجح صناع السينما _تحديدا_ فى توحيد الشعور الجمعى عند المواطن المصرى فى مشهد انتهى بثورة يناير غير المكتملة حتى الآن. والآن وبعد أن تولت جماعة الإخوان مقاليد حكم مصر، وورثت مهام عظيمة هى التى سعت إليها، لا شك أن الملف الثقافى والهوية المجتمعة على أولوية أجندتهم. وأدبيات الجماعة معروفة ومعلنة لكل من رغب وسعى وراء المعرفة، وسبق أن نشرت بعض أهم أفكارهم فى هذه المساحة تحديدا وكانت كلها تدور فى فلك تحريم الفن وضرورة إغلاق دور السينما .. إلخ. وهو موقف منبعه ليس كتب التاريخ فقط، بل مواقف بعينا جرت قبل أشهر قريبة، مثل الزيارة التى قام بها وفد من جبهة الإبداع لمجلس الشعب المنحل، وما نقله المخرج الشاب عمرو سلامة من حديث عندما ذهب لمقابلة لجنة "الثقافة والسياحة والإعلام" لمناقشة دور الرقابة بعد الثورة قام أحد النواب من حزب "الحرية والعدالة" وحدثهم قائلا: "العصر اللي كنتوا بتعملوا فيه أفلام ومسلسلات تشتمنا خلاص راح، إحنا جينا وده كله هاينتهي".
الكرة الآن فى ملعب الراغبين فى المحافظة على هوية الدولة المصرية، قبل أن يتحول انتقاد الأخطاء إلى عيبا فى الذات الحاكمة، بالوقوف ككتلة صلبة واحدة ضد كل من يحاول الهيمنة والسيطرة وفرض إرادته بإعتبارها إرداة الله على الأرض. والخطر، كل الخطر، من هؤلاء أنصاف الموهبين العاملين بالحقل الفنى أو المحسوبين من نقاده، الذين بدأوا بالفعل فى التصفيق والتطبيل للدولة الجديدة، هؤلاء الذين لا يمانعون فى التخلص من كل شئ، مقابل الحفاظ على الكرسى أو البحث عن كرسى أفضل بمميزات أوفر.
                                نُشر فى أخبار النجوم 28-6-2012

0 comments:

إرسال تعليق

 
;