٢١‏/٠١‏/٢٠١٢

واحد صحيح

أحمد بيومى

شبكة بسيطة لدرجة التعقيد نسجها تامر حبيب وهادى الباجورى من خلال فيلم "واحد صحيح"، هانى سلامة محورها الرئيسى وفى فلكه تسبح كل الشخصيات. الرابط الوحيد بين الجميع هو الحب، بكل ما تحمله الكلمة من ألم قبل السعادة. من جديد يعود تامر حبيب للعزف على وتره المفضل بعد تجارب من أهمها "سهر الليالي". أهم ما يميز تجربة "واحد صحيح" هو طريقة السرد التى أختارها تامر حبيب، من خلال صوت الشخصية ليس فقط للتعريف بالأحداث بل للغوص فى أعماقهم الشخصية بعيدا عن الأقنعة التى يضعها الجميع.   
هانى سلامة عاد للتألق من جديد مع شخصية مهندس الديكور عاشق نفسه قبل حبه للنساء. أداء هانى التمثيلى جاء متناغما مع الشخصية التى يلعبها وحرصه على رسم بعض التفاصيل أضفت مزيدا من المصداقة والإتقان. الدائرة المحيطة بشخصية "عبدالله" يبحثون جميعا عن الحب، بداية من والدته "زيزى البدراوى" مرورا بصديقته "نادين" بسمة _التى نُصدم بحبها له_، و"فريدة" رانيا يوسف، زوجة الثرى الشاذ جنسيا الذى أنجب منها للحفاظ على الصورة المجتمعية، و"مريم" ياسمين التى تعتقد أن عبدالله زوج مثالى للجلوس بجانبه فى الكوشة، و"أميرة" كندة علوش المسيحية التى أسلم والدها قبل سنوات. صراع محتدم بين الجميع، ومحيط من المشاعر يلطم كل منهم الآخر.
شخصيات طازجة قدمها تامر فى فيلمه الأخير، الزوج الشاذ الذى جسده زكى فطين عبد الوهاب، من يعيش حياته بحسابات الربح والخسارة متناسيا أدنى درجات الشرف. شخصية مرسومة بحرفية عالية دون مبالغة أو استغلال. الفتاة المسيحية التى ودعت حبيبها المسلم قبل ما يزيد عن عشر سنوات لتلقاه صدفة داخل السينما، لتبدأ مطاردة الحب من جديد، صراع نفسى مرير بين الدين والحب، اختارت بعده الهرب واللجوء إلى الدير. نفس الهرب الذى اختاره عبدالله من حفل زفافه، الهرب الذى لاحق فادى  ليشترى فيلا فى أكتوبر ويحرص ألا يخبر أحدا بامرها، هرب فريدة من زوجها الشاذ بعد اقتناعها أنها أتمت شروط العقد التى أبرمته، هرب مريم لترقص مع كريم يوم زفافها، هرب نادين من عبدالله منذ البداية وحتى النهاية. حتى محمود حميدة _والد أميرة المسيحى الذى أسلم_ أكتفى بصوته ليثبت حضوره ربما أختار هو نفسه الموت للهرب.
"واحد صحيح" تجربة رائعة تستحق التقدير والتوقف والدعوة للمشاهدة، تجربة تعلن عن ميلاد مخرج سينمائى شاب قادر على التميز والإبداع، فى زمن نحتاج فيه لجيل جديد من المبدعين استعدادا لمعركة حرية وإبداع قد تنشب. عودة تامر حبيب بهذه القوة الآن ليعلن التحدى بشخصيات تكشف وتعرى المجتمع من آفاته وعيوبه لنواجه أنفسنا فى المرآة. مدير التصوير أحمد المرسى يؤكد مع كل عمل أنه واحد من أفضل مديرى التصوير فى مصر ويملك حساسية خاصة وخيال رحب.
                                     نُشر فى أخبار النجوم 19-1-2012

0 comments:

إرسال تعليق

 
;