١٤‏/٠٤‏/٢٠١٢

سينما بلون الدم


أحمد بيومى - أفلامجى
فى زمن من الأزمنة، حين كان للثقافة والفنون حيزا من الأهتمام وقدرا من التقديم والأحترام، قرأنا وتعلمنا دروسا سينمائية وإنسانية. عندما لم يكن مستغربا أن تشهد تدشين مجلة سينمائية متخصصة تحمل اسم "الغاضبين" لتهدم كل مسلمات السينما التقليدية القديمة وتدعو وتبشر بسينما جديدة. وكان من الطبيعى أن يهتم هذا الإصدار بالقضايا السينمائية الحقيقية، بعيدا عن أخبار أهل الفن وتتبع حياتهم الخاصة ومناقشة أعمالهم بشكل سطحى يغلب عليه الجهل، فتجد على صفحات هذه المجلة البيان الشهير الذى وقع عليه 26 سينمائيا من شباب السينما الألمانية ويعلن بدء حركة جديدة فى السينما الألمانية، وعُرف بأسم "بيان أوبرهاوزن"، على أسم المدينة الشهيرة التى صدر البيان خلال أنعقاد المهرجان الدولى للسينما التسجيلية والقصيرة، وربما هو أهم وأقدم مهرجان متخصص. وجاء فى البيان، الذى لم يختلف كثيرا عن مطالب "السينما الجديدة" فى مصر فى ذلك الوقت: "نحن هنا نجاهر بالتمسك بحقنا ودورنا فى خلق سينما جديدة .. هذه السينما تحتاج إلى حريات جديدة .. حرية من عبودية السينما التقليدية .. حرية من سيطرة "الشباك" والربح .. حرية من كل وصاية".
وفى عدد لاحق من مجلة "الغاضبين" نُشر بيان حركة السينما الجديدة فى أمريكا، الشاطئ الشرقى، الذى أعلنوا فيه ثورتهم على سينما الشاطئ الغربى "هوليوود" التى اتسمت، فى نظر القائمين بحركة السينما الجديدة، ببيع الأحلام والأوهام وتفريغ الواقع من حقيقته المره، جاء فى بيانهم الشهير: "نحن لا نريد أفلاما وردية .. بل نريدها حمراء مثل الدم".
وفى السياق، عام 1972 كان العرض الأول لفيلم "زائر الفجر" الذى عرض بنادى القاهرة السينمائى فى عرض خاص، وخارج قاعة العرض كانت الحركة الطلابية فى قمة المواجهة مع نظام السادات. وتناول العمل _رفيع المستوى_ محنة الهزيمة من خلال التحقيق فى مقتل صحفية شابة متمردة، كانت تحاول أن تفهم لماذا حدث ما حدث، ومن المسؤل عن تدهور البنية التحتية، وكيف أصبح الأمن هو المسئول عن حياة المصريين، وتهديد وترويع وقتل كل من يسعى للخروج من الحظيرة أو يسعى للتغريد خارج السرب. وحاول فى الفيلم وكيل النيابة الشريف _عزت العلايلي_ بكل جهد الوصول إلى الحقيقة وراء مقتل الصحفية، رافضا الضغوط التى تمارس عليه لغلق القضية. "زائر الفجر" صرخ مناديا بالتغيير مطالبا بمحاسبة الجميع، وعلى رأسهم جمال عبد الناصر، عن هزيمة سيناء وغياب الديموقراطية وزيادة القمع و إعتماد سياسة المنع. ورأينا شكرى سرحان يلعب دور المناضل الوطنى الذى يعيد إحياء خلية ثورية مع رفاق الماضى لإستئناف حركة النضال.
سيناريو العمل الرائع الذى كتبه د. رفيق الصبان وأخرجه الراحل محمود شكرى، كان رسالة شديدة اللهجة، حين انتهى بصدور أوامر عليا بنقل وكيل النيابة وغلق القضية والإفراج عن المتهمين. هل النظام دائما أقوى من الأفراد؟. وأدى منع عرض الفيلم إلى إصابة مخرجه بالأكتئاب وبعدها بمرض حاد ليرحل عن عالمنا قبل أن يشهد التصريح بعرض فيلمه حتى مع ما طاله مقص الرقيب.
خارج السياق، "قولوا لى ماذا تشاهدون من افلام؟ أقول لكم من أنتم". نحن نشاهد سينما وردية وسينما رمادية فى حين أن علينا مشاهدة سينما حمراء بنفس لون الدم.  
  
                                    نُشر فى أخبار النجوم 12-4-2012
                                        فأشهد لنا يا قلم .. أننا لم ننم 

2 comments:

إسراء إمام يقول...

جميل يا أحمد...والخاتمة قوية جدا ..

بس أنا بشوف كل أنواع الأفلام،صحيح بنتمى لأنواع معينة لكن بحب اتفرج على كل حاجة..
وعندى ايمان بإن أى فكرة حتى لو كانت هزلية وكوميدية لو اتنفذت صح هتبقى احسن من مية فيلم اختار انه يتفلسف وماعرفش..

يعنى انا مثلا ويمكن تستغرب اكتر فيلم بحس ان شريف عرفة باين فيه كمخرج وبعترف انه مخرج عنده روح هو فيلم "سمع هس"..وده رغم انه له افلام قوية مع عادل امام لكن قوة افلام عادل امام جاى من السيناريوهات مش من وجود عرفة ...

فى النهاية يعنى انا مؤمنة ان السينما لا يمكن تتقولب ابدا فى قالب واحد،والخيال جزء لا يتجزأ منها ...,انا ممكن أكون مع فيلم خيالى أو رومانسى مليون فى المية لو فيه سينما واحساس وصورة وحس :)

إسراء إمام يقول...

أنا اشتغلت معاكوا فترة فى النجوم على فكرة فى الفترة اللى قبل ما مدام آمال تمشى فيها..كنت دايما بتعامل مع استاذ ايهاب ..

بس مش فاكرة اتقالبنا انا وانت او اتكلمنا ولا لأ..بس أنا ماكنتش باجى كتير :)

إرسال تعليق

 
;