١٤‏/١٢‏/٢٠١٢

محبوس يا طير الحق

أحمد بيومى - أفلامجى
رحل عمار الشريعى، لم يحتمل قلبه ما كان، وما صار، رفض اللحن الشاذ الذى بات مكتوبا ومفروضا على الجميع. تُرى ما كان المشهد الأخير الذى رآه، أو بالأحرى، رسمه فى خياله، هل اسمتع إلى ناقوس الحرب الأهلية فقرر الفرار، أم رأى أشباح الماضى السحيق المتخلف تزحف على القاهرة التى عرفها، وعشقها، وغنى لها؛ فأرتعش قلبه الضعيف الذى لم يعرف سوى الحب. هل توقفت حبيبته – القاهرة – عن تحريضها له بالصمود والمقاومة وحتمية التفاؤل، ألم يخبرنا عنها قائلا: "حبيبتى بتعلمنى أحب الحياة"، ألم يهمس فى قلوبنا معاتبا وصارخا بحب مدينته ومؤكدا: "هنا القاهرة الساخرة القادرة الصابرة المنذرة الثائرة الظافرة"، "هنا القرش والرش و القش و السمسرة"؛ رحل عمار وبقى فنه وإبداعه الحالد، الذى سيدرك الجميع _فيما بعد_ مدى اختلافه النوعى والكيفى، وسيعود الجميع سعيا وراء شخصية فريدة على المستوى الإنسانى والفنى وبحثا عن كل لحن قدمه وكل جملة موسيقية صاغها لتلتحم بجينات المصريين، يرثها جيل بعد جيل.
قبل سنوات بعيدة، صاغ الشريعى كلمات "الحدود" لفرقة الأصدقاء، الأغنية المصاحبة لملايين المصرين المغترببين، "وأحنا فايتين علي الحدود .. مستمرين فى الصعود .. أختفى النيل الجميل من تحتنا، والمدن، والريف.. وأول عمرنا"؛ هل اختفى النيل يا عمار أم لازال حاضرا. الشريعى علمنا جميعا كيفية عشق هذا الوطن، وترابه، ومقاومة أعداءه، والصمود مهما طال الزمن ومهما جار الظلم.
رحل عمار، قبل أن يرى مدينة الإنتاج الإعلامى، التى زارها مئات المرات ليمتع الملايين، تحت الحصار والتهديد. غاب الشريعى، بعد إدراكه أن العبث وصل مداه، والمعركة تحتاج لمن يملك قلبا مستعدا لتقلى المزيد والمزيد من الصدمات والصفعات. سافر، ولسان حاله _وحالنا_ محبوس يا طير الحق .. قفصك حزين ولعين .. قضبانه لا بتنطق .. ولا تفهم المساجين.
                             نُشر فى أخبار النجوم 13-12-2012

0 comments:

إرسال تعليق

 
;