١٠‏/١٢‏/٢٠١٢

كلمة شرف

مصطفى بيومى
في السابع والعشرين من مايو سنة 1972، كان العرض الأول لفيلم "كلمة شرف"، الذي أخرجه حسام الدين مصطفى، عن قصة لفاروق صبري، الذي اشترك مع فريد شوقي في كتابة السيناريو والحوار، أما البطولة التمثيلية فقد تقاسمها عدد من أبرز نجوم السينما المصرية: فريد شوقي، أحمد مظهر، هند رستم، نور الشريف، نيللي، فضلاً عن "ضيف الشرف" رشدي أباظة.
تدور أحداث الفيلم حول السجين سالم، فريد شوقي، الذي حُوكم وأُدين بجريمة لم يرتكبها، فقد تورط شقيق زوجته كامل، نور الشريف، في علاقة عاطفية مع إحدى الفتيات، نيللي، أسفرت عن تكوين جنين غير مرغوب في بقائه، ويسعى الشهم سالم إلى تقديم العون والمساعدة باللجوء إلى طبيب لإجراء عملية إجهاض، فتموت الفتاة.
توقن زوجة السجين البريء، هند رستم، أن زوجها هو المسئول عن الجريمة، ولا تغفر له خيانته، أما شقيقها الجاني فقد تخلى عن زوج شقيقته وآثر الصمت، مجسدًا لكل ما تعنيه كلمة النذالة من معنى.
يشتد المرض بالزوجة، وتتكرر محاولات سالم للهروب من السجن للاطمئنان عليها وتأكيد براءته، وفي مواجهة هذه المحاولات يُنقل السجين المشاغب إلى سجن يديره مأمور منضبط، يقترب من نهاية خدمته، ويتميز بالصرامة التي لا تخفي مشاعره الإنسانية. يعقد سالم اتفاقًا مع مدير السجن، أحمد مظهر، يتضمن السماح له بالخروج لزيارة الزوجة المريضة، مع الالتزام بـ"كلمة شرف" أن يعود ولا يهرب، ولكي تكتمل الإثارة وتُحبس أنفاس المشاهدين، فإن مدير مصلحة السجون، رشدي أباظة، يقوم بزيارة مفاجئة للسجن، ويطلب مقابلة السجين الشهير، وتكون المفاجأة في عودته إلى الزنزانة، التزامًا بالعهد الذي قطعه على نفسه.
لا يخلو الفيلم من مآخذ وانتقادات شتى، فهو محمل بالميراث السلبي التقليدي للسينما المصرية في كثير من جوانبه، حيث المبالغة التي لا يسهل قبولها، ووفرة المصادفات القديرة الزاعقة، والإسراف غير المبرر في المثالية والشهامة الساذجة من ناحية، والشر الخالص الخبيث من ناحية أخرى، لكن الأهمية الحقيقة لـ"كلمة شرف"، بعيدًا عن الإطار الفني، تتمثل في النجاح الجماهيري المدوي الذي حققه، ويصل النجاح إلى ذروة غير مسبوقة باستجابة وزارة الداخلية إلى الرسالة التي يقدمها الفيلم، فتعيد النظر في القواعد المعمول بها، وتسمح للسجناء بالخروج المؤقت وفق قواعد ومعايير محددة، عندما تحل مناسبات بعينها تستدعي وجودهم خارج الأسوار، مثل وفاة الأقارب أو زواجهم أو اشتداد المرض عليهم، وغير ذلك من الحالات الاستثنائية الجديرة بالمراعاة.
ليس من مهام السينما أن تسن القوانين والتشريعات، لكن التنبيه الواعي إلى ما يدور في الواقع من أبرز مهامها، وقمة النجاح أن يسفر هذا التنبيه عن التفات صانعي القرار إلى ما تشير إليه، وتحول النصيحة الفنية إلى قرار.

0 comments:

إرسال تعليق

 
;