١٨‏/٠٢‏/٢٠١٢

غزوة عين شمس

قبل أسابيع، وفى نفس المساحة، وجهت رسالة إلى فضيلة نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور عقب زيارته المباركة لمكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين، جاء فيها بعض آراء ومواقف الجماعة _التى كانت محظورة وتستعد للحكم_ على مدار عشرات السنوات السابقة. على سبيل التذكرة، البيان الذى أصدرته عقب ثورة 52 وجاء فيه بالنص: "أن تعمل الحكومة على تحريم ما حرم الله، وإلغاء مظاهر الحياة التى تخالف ذلك مثل القمار والخمر ودور اللهو والمراقص والأفلام والمجلات المثيرة"، إلى جانب دعوة المرشد الأسبق حسن الهضيبى بـ "غلق دور السينما والمسرح"، وختمت رسالتى قائلا "فأشهد لنا يا قلم أننا لم ننم". وجاءتنى تعليقات كثيرة فى وقتها، ويعنينى فى المقام الأول التعليقات السلبية، ودارت جميعا فى فلك أن تلك الآراء كانت فى الماضى السحيق، وإننا _الإخوان_ نحترم الفن المحترم وما جرى بالأمس صعب أن يحدث فى الغد.
وللأسف، لم يخيب الله ظنى، وبعد أسابيع قليلة نتابع تفاصيل "تصدى" بعض الطلبة التابعين لجماعة الإخوان لأسرة عمل مسلسل "ذات" ونجاح الطلبة فى "طرد" فريق التصوير من خارج حرم الجامعة بحجة أن بعض الممثلين يرتدون ملابس قصيرة لا تليق بحرمة المكان المقدس. وبطبيعة الحال لم يخلو الأمر من الحوار، فحاولت المخرجة كاملة أبو ذكرى إقناع طلبة الجماعة أن رواية "ذات" لكاتب يدعى صنع الله ابراهيم، والمشهد الذى كانوا بصدد تصويره يدور حول الحركة الطلابية فى بداية السبعينات عندما اعتصم طلاب الكلية عام 1972، ثم خرجوا من الجامعات إلى ميدان التحرير اعتراضا على عدم الحرب على إسرائيل.
ولأننى من المؤمنين أن الشيطان يكمن فى التفاصيل، حاولت البحث عن بعض المعلومات كان من بينها أن طلبة الجماعة أجروا اتصالا هاتفيا بمكتب الإرشاد وتحركوا بناء على التعليمات المصحوبة، وأن وكيل كلية الهندسة شريف حماد أخبر طاقم التصوير بالنص "لازم توقفوا التصوير .. لأنهم بعتوا يجيبوا ناس" وطالبهم بالإنصراف الفورى "حقنا للدماء". تلك التفاصيل تؤكد أن فريق العمل لم يكن يتعامل مع طلاب جامعيين بل جماعة للأمر بالمعروف، جماعة أقدمت على هذا الفعل بعد ايام معدودة من جلوسهم على مقاعد مجلس الشعب وإضافة مزيد من اليأس وخيبة الأمل إلى المواطن الذى انتخبهم لعلهم ينقذون. 
ولأننا نعيش فترة "فرز"، ستجد من ينصف تلك التصرفات ويدافع عنها، وفى حالة فشلهم يعلنون أنهم لا يعلمون، وأن من أقدم على هذه التصرفات ليسوا من اعضاء الجماعة، تمام كما حدث يوم "تصدى" شباب الإخوان لمتظاهرين أمام مجلس الشعب و"طردهم" من الشارع. وفى عصر "الفرز" لن نتعجب عندما نجد بعض أهل الفن أنفسهم يحاول ركوب الموجة الجديدة عله يحجز مكانا فى النظام الجديد، ويطالب بوضع القيود وفرض الحصار وتشريع القوانين وسن السيوف  فى مواجة الفن .. وفى مواجه الفكر. رحم الله جلال عامر الذى قال: حاولوا أن تطفئوا حرائق الجهل ثم تضيئوا أنوار العلم… هذا هو الداء والدواء.
                                                     نشر فى أخبار النجوم 16-2-2012

0 comments:

إرسال تعليق

 
;