أحمد بيومى - أفلامجى
صدمة وخيبة أمل كبيرة رافقتنى عقب انتهاء فيلم "حلم عزيز" للمخرج عمر عرفة. العمل يمهد منذ البدء، أي خلال الحملة الإعلانية، أنه خارج عن المألوف ويدور فى عالم الفانتازيا واللامعقول، ومن ثم يهيئ المشاهد نفسه على استقبال وجبة دسمة غير معتادة حتى وإن دارت فى فلك الكوميديا. لكن ماحدث أن العمل جاء دون كل التوقعات واصبحت متابعة مشاهده المتعاقبة كالغوص فى دوامة من السخافة التى لا تنتهى.
أحمد عز الذى لعب شخصية عزيز، رجل الأعمال شديد الثراء، خفيف الظل، صاحب العلاقات النسائية التى لاتنتهى والغارق فى بحر الملذات، والذى لا تستطيع أى شخصية نسائية عابرة مقاومة سحره وجاذبيته، وهى تيمة استهلكها عز فى أفلام كثيرة سابقة. فجأة يحلم بوالده "شريف منير" القادم من عالم الجنة ويطلب منه صعود سلما من ثلاثين درجة، وبالتوازى مع صدفة وفاة صديقه "عمرو مهدى" مفتول العضلات الذى حلم نفس الحلم قبل وفاته، يقتنع عزيز أن وفاته باتت وشيكة وأن الأمر يقتصر على ايام قليلة. ومن ثم يحاول تخليص ديونه القديمة المتمثلة فى تطيهر ماضيه الملوث بمن اساء لهم وبنى على أكاتفهم ثروته.
يخلط سيناريو الفيلم بشكل ساذج بين الفانتازيا التى بنى عليها جوهر العمل، وبين الواقعية المفرطة فى رحلة تخليص الذنوب. ويرسم الشخصيات المتوالية بشكل نمطى متكرر، الطبيب النفسى صاحب الشعر المشعث، الشيخ الذى يلجأ له لتفسير الحلم، السكرتيرة المطيعة، صديق البطل – السنيد، السائق الخاص، الطفل الصغير، شخصيات عديدة هدفها الأساسى مساعدة البطل المطلق فى إطلاق الأفيهات واسقبال الصفعات واللكمات. العناصر التمثيلية كلها ربما باستثناء صلاح عبدالله، غلب عليهم المبالغة فى الأداء. إلى جانب الحوار المباشر بدرجة تفوق الوصف عن الموت والحياة، ووجوب التوبة قبل الحساب. حوار سينمائى لم يحاول القائمون عليه تجويده وتطويعه ورسم مرادفات سينمائية بصرية تحول دون الاستطراد السقيم، وهو أمر يسأل عنه المخرج بلا أدنى شك.
الطامة الكبرى كانت مع الأستخدام الطفولى للجرافيك، وهو الأمر الذى يطرح تساؤل، هل الجرافيك فى مصر وسيلة أم غاية؟، العالم بأسره الذى اخترع واستخدم الجرافيك فى السينما يدرك أنه وسيلة لإيصال المشاهد إلى حالة من حالات الإقتناع بالعالم الآخر الذى يرسمه صناع العمل. وعليه فأن المشاهد يترك عالمه الحقيقى وينفصل تماما ليعيش وفقا لقوانين العالم الجديد المتخيل. أما ما يخدث فى مصر، وتحديدا من خلال فيلم "حلم عزيز"، أن الجرافيك اصبح غاية، يتباهى بها صناع العمل دون الوضع فى الأعتبار مدى كفاءة الجرافيك المستخدم ومدى إمكانية العمل به من عدمها، حتى لا يخرج العمل _كما حدث_ مثيرا للضحك وللسخرية.
تساؤل آخر حول مشاركة شريف منير فى دور لا يضيف له جديدا، مشاهد سيئة الكتابة لا تسمح له بإظهار إمكانياته التمثيلية العالية. هل رغب شريف فى التواجد السينمائى حتى لا ينفصل تماما عن جمهور السينما؟ هل نسى أن عدم التواجد أفضل كثيرا من التواجد فى عمل قد يخصم من رصيده، أم أنه فضل أن يجرب تقنيات الجرافيك الجديدة من باب العلم بالشئ؟!. أما أحمد عز، عليه بدء رحلة تغيير الجلد، والبحث الجاد عن افكار جديدة تصلح للوضع فى تاريخه السينمائى الذى يسعى فى بناءه، حتى لا يتفاجئ أنه بعد مرور السنوات أصبح رصيده خاليا ولا يتوافق مع حجم المحبة التى يحظى بها عند جمهوره.
نُشر فى أخبار النجوم 14-6-2012
2 comments:
مقال رائع..وواضح فعلا ان الفيلم دون المستوى..
شكرا جزيلا ياhope، ويارب اكون دايما عند حُسن الظن.
إرسال تعليق