٠٣‏/١٢‏/٢٠١١

قنابل الغاز


من جديد تعود رائحة الغاز المسيل للدموع لتذكرنا بأيام لن ينساها من شارك فيها، يعود البطش والقتل والتنكيل والتمثيل بجثث الشهداء من قبل وزارة الداخلية، يعود الكر والفر وهتافات تطالب برحيل المسئول عن هذه المجازر الوحشية. من جديد يعود المصريون إلى ميادين كل المحافظات بعد أن تركوها يوم رحيل المخلوع، ليذكروا من نسى أن ما جرى قبل عشرة أشهر لم تكن "أحداثا" بل "ثورة"، أو بالأحرى بروفة ثورة. من جديد تعود الأحزاب والتيارات والجماعات إلى حسابات السياسة القذرة حالمين بسلطة ونفوذ ونصيب من الكعكة، يعود الإعلام الرسمى لوصف الثوار بالبلطجية، والثورة بالشغب، والشرطة المسكينة المستضعفة بحماة الوطن المدافعين عن عرين وزارة الداخلية، ليواصل مبنى ماسبيرو كتابة تاريخ أسود، ودائما وابدا الحديث عن الأصابع والأجندات وأعداء الوطن داخله وخارجه.
من جديد يجدد المجلس العسكرى الثقة فى حكومة اعلنت على الملأ عجزها عن إدارة شئون البلاد، نفس استراتجية ما قبل 25 يناير، ربما نفس الوجوه ونفس العبارات. نفى وزير الداخلية استخدام أي نوع من الرصاصات ضد المتظاهرين واستخدام الشرطة لأقصى درجات ظبط النفس، والنتيجة ما يتجاوز الثلاثين شهيدا ومئات المصابين. هو نفس الوزير الذى ملئ الدنيا حديثا حول عدم وجود قناصة فى وزارة الداخلية وأثبتت الأيام كذب حديثه. من جديد نسمع ادعاءت تفيد بأن ميدان التحرير لا يمثل مصر، ونسى قائل هذه العبارت أن فى الفترة التى أعقبت تشكيل وزارة شرف كان سلاح المليونيات فاعل فى تنفيذ مطالبات الشارع بشكل أسرع. التحرير الذى أصبح أيقونة مضيئة فى تاريخنا الحديث وفخر لكل مصرى أينما كان.
مصر لن تعود ابدا إلى الوراء ومن يظن ذلك فهو واهم، وذلك الواهم نفسه هو من يظن خطئا أن بإمكانه حل كل شئ بالقمع والضرب والقتل العمد والإغتيال المعنوى لشباب لن يقف أمامهم شيئا فى سبيل تحقيق حلمهم ببلد مدنى ديموقراطى متحضر. التجمع الغفير فى ميدان التحرير _وميادن أكثر من محافظة مصرية_ سببه الأساسى التعامل الأمنى العنيف مع المتظاهريين السلميين، فاندفع الجميع للدفاع عن أناس كانوا فى مثل موقفهم قبل أشهر ماضية يطالبون بمطالب مشروعة كحق العلاج. شباب ادركوا بعد مرور عشرة أشهر أن الحل لن يأتيهم من السماء، وأن أصحاب المصالح ابدا لن يدافعون إلا عن مصالحهم.
ويحسب للمجلس العسكرى أنه فى فورة الأحداث، أعلنها بصوت عالي أنه لا نية فى تأجيل الأنتخابات. فالكل يدرك أن الأنتخابات هى الحل والأمل والنافذة المضيئة التى ننتظرها جميعا بفارغ الصبر لنملك برلمان الثورة، برلمان يملك سلطات رقابية وتشريعية ليحاسب الحكومة، برلمان يبدأ الخطوة الأهم وهى صياغة دستور. وأكد أعضاء المجلس العسكرى أنهم سيعودون إلى ثكناتهم قبل نهاية 2012، لتبدأ مصر عصرا ديموقراطيا قائما على التنوع والأختلاف وقبول الآخر، دون الحاجة إلى الرصاص وقنابل الغاز.
.

0 comments:

إرسال تعليق

 
;