٢٢‏/١٢‏/٢٠١١

كلمات علاء الأخيرة



رأيتك يا صديقى فى منامى، مرة بعد مرة، رأيتك يوم 25 يناير وانت متجه إلى ميدان التحرير غير مصدق العدد الهائل المحيط بك والذى يردد نفس هتافك "الشعب يريد إسقاط النظام"، لمحتك يا صديقى يوم موقعة الجمل بعد أن غادرت التحرير لنيل قسطا من الراحة فى غرفتك التى وصلت من خلالها إلى كلية الطب، سمعت صوتك العذب عندما رحل المخلوع وانت تدندن "تنكسرى ولا يتصلب عودك .. انا جندى فى جنودك" لمنير، وتحلم بمستقبل تداوى به نزف الوطن قبل جراح مرضاك. شعرت بدموعك تلامس كفى يوم سالت دماء أخوتك أمام ماسبيرو، تماما كما سقط شهداء محمد محمود. قرأت يا صديقى بعض أسطر كتاباتك، تلك التى دونتها إلى إبنك الذى حلمت به، فقط لتروى له قصة تفخر بها.
رحلت يا صديقى إلى مكان أفضل، وحمدا لله إنك لم ترى من يرقصون الآن فوق جثتك، من يتهمونك بالبلطجة والعمالة والخيانة وقلة الأدب، من لم يكفهم الدم المسال ويرغبون فى اغتيال سمعتك وسمعة من سقطوا بجانبك، من يصفك بطفل شوارع. ماذا نقول يا صديقى حين يسألون عنك؟ وبأى ذنب قتلت؟.
حريق المجمع العلمى أنطفأ بعد أن اضاع تاريخ لا يمكن تعويضه، وحريق قلبى لن يخمد حتى لو راح دبيبه. هل انت يا علاء وأصدقائك من المتظاهرين الثوار من يحرق مصر؟، هل الطبيب يحمل بين يديه معول الهدم، أم مشرط الدواء؟، هل درست يا صديقى صناعة قنابل المولوتوف، أم حقن الدم؟.
أرثيك يا صديقى فى يوم ميلادك، اليوم _الأحد 18 ديسمبر_ تُكمل عامك الثالث والعشرون. تُرى ما كانت أحلامك؟، ما كانت كلماتك الأخيرة؟، اتخيلها يا صديقى تماما ككلمات سبارتكوس الأخيرة التى نقلها لنا أمل دنقل:

يا قيصر العظيم: قد أخطأتُ .. إنى أعترف
دعنى _على مشنقتى_ ألثم يدك
ها أنذا أقبل الحبل الذى فى عنقى يلتف
فهو يداك .. وهو مجدك الذى يجبرنا أن نعبدك
دعنى أكفر عن خطيئتى
أمنحك _بعد ميتتى_ جمجمتى
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القوى
.. فإن فعلت ما أريد
إن يسألوك مرة عن دمى الشهيد
وهل تُرى منحتنى "الوجود" كى تسلبنى "الوجود"؟
فقل لهم: قد مات .. غير حاقد على
وهذه الكأس _التى كانت عظامها جمجمته_
وثيقة الغفران لى
يا قاتلى : إنى صفحت عنك ..
فى اللحظة التى استرحت بعدها منى
استرحت منك !
                                               نشر فى أخبار النجوم 21-12-2011

0 comments:

إرسال تعليق

 
;