٠٤‏/١٢‏/٢٠١١

محكمة


فى واحد من أروع مشاهد السينما المصرية فى فيلم "ضد الحكومة" لوحيد حامد وعاطف الطيب، وقف الراحل الباقى أحمد زكى فى مشهد النهاية يتلو مرافعته بأداء وكلمات ومنطق ألهب قاعة المحكمة من خلفه. وجاءت النتيجة الطبيعية من القضاء المصرى الحكيم بالموافقة على ما طلبه بإستعداء الوزراء لسؤالهم بإعتبارهم "بشرا مثلنا
وربما على سبيل السذاجة المفرطة كنت اتخيل أن هكذا تجرى المحاكمات فى بلدى، قاعة مهيبة وقاضى عادل ودفاع ونيابة وخصوم. قمة الدراما التى يمكن أن تجتمع فى مكان واحد. الكثير من الأبطال، ودوافع مختلفة _متوافقة ومتعارضة_ ومفاجآت لا حصر لها. وبطبيعة الحال، تم نسف هذه الصورة الحالمة من خيالي بعد مشاهد محاكمة القرن للرئيس المخلوع وأعوانه. قمة الفوضى وعدم الوعى والسعى وراء كاميرات الفضائيات والتأكد من نطق الأسم الثلاثى للمحامى بصورة واضحة سعيا وراء عدد أكبر من الزبائن. ولم أكن لأندهش لو رأيت أحد هؤلاء المحامون الكومبارس _بإبتسامة بلهاء_ يلوحون إلى الكاميرا. وكم كانت سعادتى عندما أستمعت إلى كلمات المستشار أحمد رفعت معلنا وقف بث الجلسات على الهواء كرغبة واضحة فى وقف العبث والشو
المدهش، والذى لم اشاهده فى أي من أفلام هوليوود حتى الآن، هو ارتباط قاعة المحكمة بمغامرات الأكشن. كيف على بعد أمتار قليلة من صرح العدالة يقف مئات من أنصار مبارك فى وجه مئات آخرين من عائلات الشهداء والمصابين وعدد من ممثلى القوى السياسية، وتنشب بينهم معركة يسيل بسببها الدماء. والأكثر إدهاشا أن هذه الحرب الصغيرة لم تكن وليدة الصدفة، فقد قام من يسمون أنفسهم "أبناء مبارك" بإصدار البيان الأول لهم ليلة المحاكمة مؤكدين أن على أستعداد لبذل كل غالى ونفيس وإراقة الدماء فى سبيل "القائد الأب"، وأكدوا أن ما حدث فى الجلسة الأولى كان مجرد رسالة تحذير بسيطة وأن القادم مهولا _وقد صدقوا_ ونفذوا ما وعدوا به
وكأنه فيلم من أفلام المقاولات، تجد أسماء محفوظ وغيرها من النشطاء السياسين أمام النيابة العسكرية، بتهمة الكتابة وإبداء الرأى على صفحات الفيس بوك وتويتر

0 comments:

إرسال تعليق

 
;